كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
196 - فإن كنتم وَالَيتُم الموتى فَ (إِنَّ وَلِيِّـيَ اللّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ ) أي القرآن (وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ ) في اُمورهم وشؤونهم الدنيويّة والاُخرويّة.
197 - (وَالّذينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ ) لأنّهم نفوس أثيريّة ( أرواح) ، (وَلآ أَنفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ ) إن أصابهم ما يكرهون .
198 - ثمّ خاطبَ المسلمين فقال تعالى (وَإِن تَدْعُوهُمْ ) يعني وإن تدعوا المشركين (إِلَى الْهُدَى ) الّذي أنتم عليه (لاَ يَسْمَعُواْ ) دُعاءكم لشدّةِ عنادهم (وَتَرَاهُمْ) يا محمّد (يَنظُرُونَ إِلَيْكَ ) بأعينهم (وَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ ) أي ليس لهم بصيرة فيفكّروا فيما تقول لهم ويعقلوا .
199 - (خُذِ) يا محمّد طريق (الْعَفْوَ) مع الناس ، يعني اُعفُ عمّن أساء إليك (وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ ) العُرف بضمّ العين هو فعل الخير والإحسان إلى الناس ، ومن ذلك قول الحُطيئة :
مَنْ يَفْعَلِ الخَيْرَ لا يَعْدَمْ جَوازِيَهُ لا يَذْهَبُ العُرْفُ بينَ اللهِ والناسِ
فقول الشاعر " لا يَذْهَبُ العُرْفُ " يعني لا يذهب جزاء الإحسان ، وقد فسّرها الشاعر في الشطر الأوّل من البيت وهو قوله " مَنْ يَفْعَلِ الخَيْرَ " ، وقال الفرزدق ينعَى عبد العزيز :
إنَّ الأرامِلَ والأيْتامَ قَدْ يَئِسُوا وطالِبِي العُرْفِ إذْ لاقاهُمُ الْخَبَرُ
فقول الشاعر " وطالِبِي العُرْفِ " يعني طالبي الإحسان يئسوا من إحسانهِ لأنّهُ مات . وقال حاتم الطائي :
تَغَيَّرْتُ إنِّي غَيْرُ آتٍ لِرِيبَةٍ ولا قائِلٌ يَوْماً لِذِي العُرْفِ مُنْكَرَا
وقال حسّان :
أَبَى فِعْلُنَا الْمَعْروفُ أنْ نَنْطِقَ الخَنَا وَقَائِلُنَا بِالعُرْفِ إلا تَكَلُّمَا
وقالت الخنساء :
فَرُبّ عُرفٍ كُنتَ أَسدَيتَهُ إِلى عِيالٍ وَيَتامَى صِغارْ
ومعنى الآية : اُأمر الناسَ بالإحسان بعضهم لبعض كي يوسّع الله لهم الرزق ولا يكونوا بُخلاء فيقتّر الله عليهم معيشتهم (وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ) .
200 - لَمّا أمرهُ الله سُبحانهُ أن يأخذ فيهم طريق العفو عن إساءتهم وأن يُعرِض عن سُفهائهم أمَرهُ بعدها بالصبر والتجلّد وأن لا يثير غضبهُ الشيطان ، فقال تعالى (وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ ) "النزغ" أن تغري القوم بكلمات فتحمل بعضهم على بعض وتُلقي العداوة بينهم ، والمعنى : إذا وسوَسَ لك الشيطان وأثارَ غضبك عليهم (فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ ) من الشيطان ولا تغضب (إِنَّهُ سَمِيعٌ ) لدُعائك (عَلِيمٌ) بما يُصيبك .
201 - (إِنَّ الّذينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ ) أي أصابهم (طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ ) أي قِسم من إغواء الشيطان ، فالطائف مُذكّر والطائفة مؤنّث ، ومن ذلك قول الأعشى :
وتُصْبِحُ مِنْ غِبِّ السُّرَى وكأنَّما أَلَمَّ بِها مِنْ طَائِفِ الجِنِّ أَوْلَقُ
(تَذَكَّرُواْ) وعيد الله وعقابهُ فتركوا المعصية وندموا على ما صدرَ منهم (فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ ) للرُشد .
202 - (وَإِخْوَانُهُمْ) يعني إخوان الشياطين في الكفر والتكبّر ، ويريد بهم المشركين (يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ) يعني الشياطين يزيدون في إغواء الكافرين (ثُمَّ لاَ يُقْصِرُونَ ) في الزيادة من الإغواء .
203 - (وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِم ) يا محمّد (بِآيَةٍ) أي بمعجزة كما اقترحوا عليك (قَالُواْ لَوْلاَ اجْتَبَيْتَهَا ) من الله ، يعني قالوا لك لولا طلبتها من الله واخترتها فيُعطيك إن كنت نبيّاً (قُلْ) يا محمّد لهم (إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يِوحَى إِلَيَّ مِن رَّبِّي ) وليس لي الاختيار في ذلك (هَـذَا) القرآن مُعجزتي فهو معجزة علمية ، وهو (بَصَآئِرُ مِن رَّبِّكُمْ ) لمن أراد أن يبصر طريق الحقّ (وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) بربّهم وبرُسُلهِ .
204 - (وَإِذَا قُرِىءَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ) من الله .
205 - (وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ ) بالتسبيح والتهليل والتحميد والاستغفار (تَضَرُّعاً وَخِيفَةً ) يعني بتضرّع وخوف من الله تعالى (وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ ) أي وليكن ذِكرك إيّاهُ بصوت خافت وليس بصياح ، لأنّهُ تعالى يسمع السِرَّ وأخفى منه ، اُذكرهُ وادعُهُ على الدوام (بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ ) الغد هو الصباح وجمعهُ غدوٌّ ، والأصيل هو المساء وجمعهُ آصال ، والمعنى : اُذكرهُ على الدوام (وَلاَ تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ ) عن ذكرِه .
206 - (إِنَّ) الملائكة والرُسُل والمقرّبين (الّذينَ عِندَ رَبِّكَ ) في السماوات الأثيرية ، أي في الجنان (لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ ) على الدوام (وَلَهُ يَسْجُدُونَ ) أي لأمرِه ينقادون مع علوّ شأنهم ومنزلتهم عنده ، ولكنّكم تأنفون من السجود لهُ وتعصون أوامره مع أنّكم خُلِقتم من ماء حقير وطينٍ مُنتنّ .
تمّ بعون الله تفسير سورة الأعراف ، والْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِين
ويليها تفسير سورة الأنفال
كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |