كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
198 - (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ ) أي ليس عليكم حرج (أَن تَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ ) أي تطلبوا رزقكم بالعمل أو بالتجارة ، وذلك قبل الإحرام وبعده (فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ ) أي إذا رجعتم من عرفات واندفعتم منها إلى المزدلفة ، فكلمة "فاضَ " تستعمل للكثرة ، يُقال "فاضَ الماءُ من الحوضِ" إذا اندفع منه بكثرة ، و"أفاض القوم في الحديث" ، إذا اندفعوا فيهِ وأكثروا التصرُّف (فَاذْكُرُواْ اللّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ ) وهو جبل في آخِر المزدلفة يُسمّى جبل قذح ، والمعنى : اُذكروا الله في المزدلفة بالصلاة والدعاء والتسبيح ، لأنّهُ تعالى قال (عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ ) ولم يقل في المشعر الحرام (وَاذْكُرُوهُ) كثيراً (كَمَا هَدَاكُمْ ) إلى دين الإسلام وأنجاكم من الشِرك والضلال (وَإِن كُنتُم مِّن قَبْلِهِ ) أي من قبل دين الإسلام (لَمِنَ الضَّآلِّينَ ) عن طريق الحق .
199 - (ثُمَّ أَفِيضُواْ ) من المزدلِفة إلى منَى ، وذلك يوم النحر لرمي الجمرات (مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ ) أي من المكان الّذي أفاض منه أهل مكّة ، لأنّ السورة مدنيّة والخطاب موجّه لأهل المدينة (وَاسْتَغْفِرُواْ اللّهَ ) لذنوبكم (إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ ) للتائبين (رَّحِيمٌ) بالنادمين .
200 - (فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ ) أي أتممتم مناسك الحجّ وعباداتكم فيها ، وهي الطواف بالكعبة ، والسعي بين الصفا والمروة ، والوقوف بعرفات ، وذِكر الله في المزدَلِفة ، ونحر الهدي ورمي الجمرات في منَى (فَاذْكُرُواْ اللّهَ ) بالتكبير والتسبيح (كَذِكْرِكُمْ آبَاءكُمْ ) أي كما كنتم تذكرونهم عند فراغ حجّكم . كانوا في الجاهليّة إذا فرغوا من الحجّ وقفوا بين مسجد منَى والجبل فيذكرون فضائل آبائهم ومحاسن أيّامهم (أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا ) من ذكركم أيّاهم . ثمّ أخبرَ سُبحانهُ عن اختلاف أغراض الناس الداعين فقال (فَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا ) نصيبنا من الجاه والمال (فِي الدُنيا ) فنعطيه منها (وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ ) أي من نصيب ، وهؤلاء المشركون لأنّهم لا يعتقدون بالبعث والحساب .
201 - (وِمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُنيا حَسَنَةً ) أي نِعمةً ، كالعافية والرزق الواسع والعِلم النافع والعمل الصالح (وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً ) يعني الجنّة (وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ) باجتناب المحرّمات والشبهات ، وهؤلاء هم المؤمنون .
202 - (أُولَـئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّمَّا كَسَبُواْ ) من أعمال صالحة وعبادات خالصة (وَاللّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ ) أي سريع الجزاء .
203 - (وَاذْكُرُواْ اللّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ ) هنّ أيّام التشريق ثلاثة أيّام ، وهي أيّام رمي الجمرات ، والذِكر هو تكبيرات يذكرها الحاج بعد كلّ صلاة في أيّام التشريق ، والتكبيرات هي أن تقول : " اللهُ أكبر اللهُ أكبر لا إلاهَ إلاّ الله واللهُ أكبر اللهُ أكبر وللهِ الحمد ، اللهُ أكبر على ما هدانا والحمدُ للهِ على ما أولانا والحمدُ للهِ على ما رزقنا من بهيمة الأنعام " . وقوله (فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ ) بالنفر من منَى ولم يُكمل اليوم الثالث (فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ ) في التعجيل (وَمَن تَأَخَّرَ ) إلى اليوم الرابع (فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ ) في التأخير (لِمَنِ اتَّقَى ) المحارم ، يعني لا يكون تأخيره لسبب دنيوي لا يرضاهُ الله ، فيتأخّر لكي يصيد أو لاُنسٍ وطرب ، أو رأى عدوّاً له هناك فيريد أن ينتقم منه أو غير ذلك (وَاتَّقُواْ اللّهَ ) ولا تعصوا أوامره (وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ) بعد موتكم فيجازيكم على أعمالكم .
204 - كان رجل منافق يسمّى الأخنس بن شريق ، وهو حلو المنطق ، وكان إذا لقيَ رسول الله ألانَ له القول وادّعَى أنّه يُحبّهُ وأنّه مسلم ، وأخذ يتحدّث معه في أمور دنيويّة ، وقال لهُ : يعلم الله ما في قلبي من المحبّةِ لك والصِدق ، وإذا تولّى عنه جاء إلى قُريش وأخذ في ذمّ النبيّ محمّد وصار يحرّضهم على قتاله ، فنزلت فيه هذه الآية (وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ ) يا محمّد لأنّك تظنّه صادقاً (فِي الْحَيَاةِ الدُنيا ) أي يعجبك ما يقوله في أمر الدُنيا وشؤونها (وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ ) من المحبّةِ لك ، ولكنّه كاذب مُنافق عدوّ (وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ ) أي شديد العداوة وليس كما يقوله ويدّعيه من المحبّة .ومن ذلك قول ربيعة بن مقروم :
وَألدَّ ذِي حَنَقٍ عَليَّ كَأنَّما تَغْلِي عَدَاوَةُ صَدْرِه فِي مِرْجَلِ
205 - (وَإِذَا تَوَلَّى ) عنك يا محمّد وأدبر (سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا ) أي أخذ يعمل بالمكر والخديعة ليوقع العداوة والقتال بين الناس (وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ ) أي يُهلك الزرع والماشية بسبب الحرب والعداوة ، كما فعل بثقيف حيث كان بينه وبينهم خُصومة فبيّتهم ليلاً وأهلك مواشيهم وأحرقَ زرعهم (وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ ) ويمقتُ من يسعَى بهِ .
206 - (وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللّهَ ) ولا تفسد في الأرض (أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ ) أي أوقعتهُ العزّة في الإثم ، يعني حملهُ التكبّر على فعل الإثم ولم يمتنع عن الفساد (فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ ) أي يكفيهِ عذاب جهنّم (وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ ) الذي مهّده لنفسه ، يعني بئس المكان جهنّم الّتي اختارها ومهّدها لنفسهِ ثمّ عقّبه بمدح المؤمنين فقال تعالى :
207 - (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ) أي يبيع نفسه فيخاطِر بها ويقتحم الحروب والمهالك والأذى ولا يُبالي ، وذلك (ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ ) أي طالباً بذلك مرضاة الله (وَاللّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ ) الّذينَ يُخاطرون بأنفسهم طلباً لمرضاتهِ .
208 - أسلم قوم من اليهود ثمّ حرّموا على أنفسهم لحم الإبل ، وذلك لِما اعتادوا عليه في اليهوديّة ، فأنزل اللهُ فيهم هذهِ الآية (يَا أَيُّهَا الّذينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ ) أي في الاستسلام والانقياد لأوامر الله (كَآفَّةً ) أي جميعها ، والمعنى : إنقادوا لجميع أوامر الله فلا تأخذوا بعضها وتتركوا الاُخرى (وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ) أي ولا تتّبعوا وساوس الشيطان وما يخطّهُ لكم ويمنعكم من أكل لحم الإبل (إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ ) أي ظاهر العداوة .
------------------------------------كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |