كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل

بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى)

توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت)

الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة

فهرس الآيات , البحث في القرآن الكريم

تفسير سورة يونس من الآية( 2) من كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل   بقلم محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) : 

2 - (أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِّنْهُمْ أَنْ أَنذِرِ النَّاسَ ) عن عبادة الأصنام والأوثان (وَبَشِّرِ الّذينَ آمَنُواْ أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِندَ رَبِّهِمْ ) أي لهم الأقدميّة عند ربّهم ، أولاً بدخول الجنّة قبل غيرهم وثانياً بالمنزلة الرفيعة وثالثاً بكثرة العطاء ، فكلمة "قَدَمَ " معناها الأقدميّة
والشاهد على ذلك قول حسّان :

                              لَنا القَدَمُ الاُولى إِلَيكَ وَخَلفُنا      لِأَوَّلِنا في طاعَةِ اللَهِ تابِعُ

والمعنى : لهم الأقدميّة بجميع الأشياء ويدخلون جنّة المأوى حين مماتهم ، أمّا غيرهم من المؤمنين المذنبين لا يدخلون الجنّة إلاّ حين وقوف الأرض عن دورتها المحوريّة فيكون اللّيل سرمداً في جهةٍ منها والنهار سرمداً في الجهة الاُخرى ، ففي ذلك اليوم يحل العذاب بأهل الأرض فتصعد حينئذٍ الملائكة الموجودة اليوم على الأرض إلى السماوات الأثيريّة وتأخذ معها نفوس المؤمنين وتترك الكافرين والمجرمين والمنافقين على الأرض ، و كلمة "صِدْقٍ" معناها نصدقهم بما وعدناهم ، ومن ذلك قوله تعالى في سورة الأنبياء {ثُمَّ صَدَقْنَاهُمُ الْوَعْدَ فَأَنجَيْنَاهُمْ وَمَن نَّشَاء } ، وفي سورة الزُمَر حاكياً عن أهل الجنّة {وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ } ، (قَالَ الْكَافِرُونَ ) في محمّد (إِنَّ هَـذَا لَسَاحِرٌ مُّبِينٌ ) .

3 - (إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ) تجد شرحها في سورة فُصّلت عند قوله تعالى {قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ } ، (ثمّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ ) تجد معنى العرش في كتابي الكون والقرآن وفي سورة الرعد عند قوله تعالى {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ }، (يُدَبِّرُ الأَمْر َ) من السماء إلى الأرض ، أي يُنزّل الملائكة على الأنبياء والرُسُل لتعليم الناس إلى طريق الحقّ (مَا مِن شَفِيعٍ إِلاَّ مِن بَعْدِ إِذْنِهِ ) فالّذي يأذن الله لهم بشفاعتهِ يشفعون لهُ ، والّذي لا يأذن لهم بشفاعته لا يشفعون له ولو كان من أقربائهم أو أبنائهم ، فإنَّ نوحاً لايمكنه أن يشفع لإبنهِ ولا إبراهيم لأبيهِ (ذَلِكُمُ) الّذي خلق السماوات والأرض في ستّة أيام هو (اللّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ ) ولا تشركوا بعبادتهِ (أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ ) يعني أفلا تتّعِظون ؟

4 - (إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ) بعد موتكم (جَمِيعًا) الجنّ والإنس (وَعْدَ اللّهِ حَقًّا ) لا خِلاف فيهِ (إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ) من الأثير (ثُمَّ يُعِيدُهُ ) إلى عالم الأثير ، يعني يخلق النفوس من الأثير ثمَّ يُعيدها بعد الموت إلى عالم الأثير ، عالم النفوس ، أمّا الأجسام يعيدها إلى التراب . وذلك قوله تعالى في سورة طـه {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ } يعني نُعيد أجسامكم إلى الأرض بعد الموت فتكون تراباً (لِيَجْزِيَ الّذينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ ) أي بالعدل ، يعني يجزي النفوس الّتي خلقها من الأثير وليس الجزاء للأجسام الّتي صارت رِمَماً بالية (وَالّذينَ كَفَرُواْ لَهُمْ شَرَابٌ مِّنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ ) .

5 - ثمَّ أخذَ سُبحانهُ يُبيّن بعض آياته للناس ليؤمنوا بوحدانيَّتهِ ويستدلّوا بها على خالقها فقال (هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاء ) أي مصدراً للضياء والحرارة وبضوئها يكون النهار (وَالْقَمَرَ نُورًا ) يكتسب النور من الشمس فيضيء لكم اللّيل (وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ ) يتنقّل بها حول الأرض فيكمل دورتهُ في الشهر مرّة واحدة (لِتَعْلَمُواْ) بتلك المنازل الّتي قُدِرَتْ للقمر ودورانه حول الأرض (عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ ) في الأشهر والأيّام ، وإنَّما قال تعالى قدّر القمر القمر منازل ولم يقل الشمس قدّرها منازل ، لأنَّ الشمس ثابتة لا تدور حول الأرض ، بل الأرض تدور حولها (مَا خَلَقَ اللّهُ ذَلِكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ ) يعني إلاّ بالوعد الحقّ الّذي وعدَ بهِ في القرآن بأنَّ للشمس أجلاً تنتهي حياتها فيهِ وللقمر أجلاً تنتهي حياتهُ فيهِ . وذلك قوله تعالى في سورة الرعد {وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُّسَمًّى } يعني كلٌّ منهما يجري لوقتٍ محدود تنتهي حياته فيه ويتمزّق ، (يُفَصِّلُ الآيَاتِ ) أي يُبيّنها بالتفصيل (لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ) عِلم الفلك فيوقنون بها .

6 - (إِنَّ فِي اخْتِلاَفِ اللّيل وَالنَّهَارِ ) بواسطة دوران الأرض حول نفسها (وَمَا خَلَقَ اللّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ) أي في الكواكب السيّارة ومن جملتها الأرض ، يعني ما خلق الله فيهنَّ من نباتٍ وحيوانٍ وإنسان وغير ذلك (لآيَاتٍ) أي لعلامات واضحة تدلُّ على أنَّ لها خالقاً خلقها وصانعاً صنعها وحكيماً أتقنها (لِّقَوْمٍ يَتَّقُونَ ) عذابه بطاعتهِ .

7 - ثمَّ أخذَ سُبحانهُ في ذمّ المكذبين وتهديدهم بالعذاب فقال (إَنَّ الّذينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا ) يعني الّذينَ كذّبوا بالجنّة والنعيم في الآخرة فهم لا يرجون النعيم لأنَّهم لا يعتقدون بذلك (وَرَضُواْ بِالْحَياةِ الدُّنْيَا ) دون الآخرة (وَاطْمَأَنُّواْ بِهَا ) أي اطمأنّوا بالدنيا فقالوا : لا حساب ولا عقاب ولا عذاب علينا وإنَّما هو تهديد ووعيد يتوعّدنا بهِ محمد لا صِحّةَ لهُ (وَالّذينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا ) يعني عن التفكير فيها والتدبّر لها (غَافِلُونَ) لا يفكّرون لكي يعلموا الحقّ من الباطل .

8 - (أُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمُ النُّارُ ) يأوون إليها يوم القيامة (بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ ) من آثام .

9 - ثمَّ أخذَ سُبحانهُ في وصف المؤمنين وما أعدّهُ لهم في الآخرة فقال (إِنَّ الّذينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ ) في الآخرة إلى طريق الجنّة فيدخلونها (بِإِيمَانِهِمْ) أي بسبب إيمانهم باللهِ وبرسولهِ (تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ ) يتنعّمون فيها .

------------------------------------
الصفحة الرئيسة الصفحة التالية>>



كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم