كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل

بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى)

توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت)

الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة

فهرس الآيات , البحث في القرآن الكريم

تفسير سورة الحجر من الآية( 20) من كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل   بقلم محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) : 

20 - (وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا) أي في الأرض (مَعَايِشَ) جمع معيشة (وَمَن لَّسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ) وهو الطفل الرضيع فإنّ الله يرزقه من ثدي أمّه ولستم ترزقونه .

21 - (وَإِن مِّن شَيْءٍ) الذي هو غذاء للنبات وبه ينمو ويتكاثر (إِلَّا عِندَنَا خَزَائِنُهُ) أي إلّا وهو مخزون عندنا في الفضاء أو في الأرض ، وهو المطر ثم النتروجين الذي هو غذاء للنبات "أسمدة" وكذلك غاز ثاني أوكسيد الكاربون هو من أغذية النبات . أمّا الماء فبعضه مخزون في السحاب فينزل مطراً وبعضه مخزون في الجبال وفي جوف الأرض فيخرج من الينابيع ، قال الله تعالى في نفس السورة {فَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ} .

(وَمَا نُنَزِّلُهُ) هذا المخزون (إِلَّا بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ) إذ لو زاد على ما يقتضيه النبات أو نقص لم يتمّ نموّ الزرع ولا يكون فيه ثمر أو لتلفت أثماره بعد نضوجها أو لكانت يابسة غير صالحة للأكل .

22 - (وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ ) للأثمار ، فإذا مرّت الرياح على الأشجار والنباتات حملت معها من طلع الذكور إلى الإناث فتتلقّح وتكون أثماراً ، أمّا تلقيحها للسحاب فإنّها تحمل بطريقها ذرّات التراب فإذا اصطدمت تلك الذرّات بذرّات الثلوج المنتشرة في الفضاء فإنّها تذوب بسبب تلك الذرّات الترابيّة وحرارة الرياح فتكون مطراً (فَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ ) أي من الطبقات الغازيّة (مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ ) بل نحن خزنّاهُ في الأرض وفي الجبال وفي البحار وأجرينا من ذلك المخزون أنهاراً وينابيع فأسقيناكم من مياهها .

23 - (وَإنَّا لَنَحْنُ ) يعني الله تعالى وملائكته يعملون بأمره (نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ ) أموال الناس الأثيريّة منها فتصعد بها الملائكة إلى الجنان .

24 - (وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنكُمْ) للجهاد وقتال المشركين (وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ) عن القتال فنجازي كلاً على عمله وما يستحقّه . وإنّما قال تعالى "مستقدمين ، مستأخرين" ولم يقل متقدمين ومتأخّرين ، يعني الذي دعاهم النبي إلى الجهاد فتقدّموا ، والمتأخرين دعاهم المنافق عبد الله بن أبيّ إلى ترك الجهاد فتأخروا ، فجاء ذكر الآمر والمأمور في كلٍّ من هاتين الجملتين ، وكان ذلك في غزوة أُحد قال عبد الله بن أُبيّ لأصحابه : ما لنا والقتال ولماذا نقتل أنفسنا فلنرجع إلى المدينة ، فرجعوا من منتصف الطريق .

25 - (وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ ) أي يجمعهم للحساب في الآخرة (إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ ) .

26 - (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ ) يعني آدم (مِن صَلْصَالٍ ) الصلصال هو الطين المتكوّن من صلصلة الماء ، أي الماء القليل الّذي يبقَى في الحُفَر من مياه الأمطار ، والشاهد على ذلك قول لبيد يصف مياه الأمطار :

                               ولمْ يَتَذَكَّرْ مِنْ بَقِيَّة ِ عَهْدِهِ      منَ الحَوْضِ والسُّؤبانِ إلاَّ صَلاصِلا

يعني إلاّ قليلاً من الماء في الحُفَر . وقال جرير يصف الإبل :

                         وإذا قَرُبْنَ خَوامِساً مِنْ صَلْصَلٍ      صَبَّحْنَ دُومَةَ والحَصَى لم يَرْمَضِ

ولا تزال هذه الكلمة مُستعملة في العراق إذ يقول الرجل لصاحبهِ : "هل الماء قويّ في الحنفيّة [أو صنبور الماء ] ؟ " فيجيبهُ : "تصلصل أو تصنصل" يعني الماءُ فيها قليل . ولَمّا اختلط هذا الماء بالرِمم البالية انتنّ وصار طيناً أسود مُنتنّاً ، وذلك قوله تعالى (مِّنْ حَمَإٍ ) أي أسود ، ومن ذلك قول طَرَفة :

                                     أشَجَاكَ الرَّبْعُ أمْ قِدَمُهْ      أمْ رَمادٌ دارِسٌ حُمَمُهْ

(مَّسْنُونٍ) أي مُنتن ، يعني طين أسود منتنّ .

27 - (وَالْجَآنَّ خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ ) أي من قبل آدم (مِن نَّارِ السَّمُومِ ) يعني من سموم النار ، أي من الغازات الخارجة من النار ، ومِثلها في سورة الرحمن قوله تعالى {وَخَلَقَ الْجَانَّ مِن مَّارِجٍ مِّن نَّارٍ } يعني من غازات خرجت من النار177 .

28 - (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا ) يعني آدم (مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ ) .

29 - (فَإِذَا سَوَّيْتُهُ ) أي أكملتُ خلقتهُ (وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي ) أي من جبرائيل الّذي هو ملاكي ، وإنّما قال تعالى (نَفَخْتُ) يعني بأمرٍ منّي على جبرائيل آمرهُ فيفعل ، فالروح هو جبرائيل ، ومن ذلك قوله تعالى في قِصّةِ مريم {فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا } ، (فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ ) .

30 - (فَسَجَدَ الْمَلآئِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ ) أي جميع أنواع الملائكة الّتي في السماوات الأثيريّة السبع .

31 - (إِلاَّ إِبْلِيسَ ) وهو أبو الجنّ (أَبَى أَن يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ ) لأنّهُ تكبّر على آدم واستنكف أن يسجد لهُ .

32 - (قَالَ) الله تعالى (يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلاَّ تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ ) لأنّه تكبّر على آدم واستنكف أن يسجد لهُ .

33 - (قَالَ) إبليس (لَمْ أَكُن لِّأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ ) .

34 - (قَالَ) الله تعالى لأبليس (فَاخْرُجْ مِنْهَا) أي من الجنان الأثيرية السبع (فَإِنَّكَ رَجِيمٌ) يعني إن دخلتَ الجنان في المستقبل تُرجَم بالشهب .

35 - (وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ) من الملائكة ومن الناس وفي الكتب السماوية (إِلَىٰ يَوْمِ الدِّينِ) يعني إلى يوم القيامة .

36 - (قَالَ) إبليس (رَبِّ فَأَنظِرْنِي) أي أمهِلني فلا تُدخِلني جهنم (إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ) للحساب والجزاء ، يعني إلى يوم القيامة .

37 - (قَالَ) الله تعالى (فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ) أي من الممهلين كما طلبت، وإنّما أعطاه الله ما طلب جزاءً لعبادته في الماضي .

------------------------------------

177 :صورة الجنّ تشبه صورة الإنسان ، لهم وجه مُدوّر ووجنات بارزة وأعيُن واسعة ، لكن ليس لهم أقدام كما للإنسان بل لهم حوافر مثل حوافر الخيل . وقد رأيتُ بعضهم في الدنيا حيّاً ، ورأيتُ بعض نفوسهم في عالم النفوس ، وذلك لَمّا انتقلتُ إلى عالم الأرواح لَمّا كنتُ طِفلاً . راجع كتابي الإنسان بعد الموت تحت عنوان موتٌ أم إغماء

<<الصفحة السابقة الصفحة الرئيسة الصفحة التالية>>



كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم