كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل

بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى)

توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت)

الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة

فهرس الآيات , البحث في القرآن الكريم

تفسير سورة النساء من الآية( 20) من كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل   بقلم محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) : 

20 - (وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ ) وهنّ البديلات ، والمعنى : إذا أردت أن تعطي ابنتك زوجة لابن جارك أو لغيره وتأخذ ابنتَه لابنِك ، وهذه عادة متّبعة عند أكثر الناس فلا يُعطي ابنته أو اُخته زوجة لأحدٍ من الناس إلاّ أن يأخذ بدلها امرأة له أو لابنه ، وتسمّى هذه الطريقة "البدايل" ، (وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا ) من المال أي مالاً كثيراً صداقاً لهنّ ، والقنطار أربعة وأربعون كيلوغراماً (فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئًا ) والخطاب للأزواج ، أي لا تأخذوا من صداقهنّ شيئاً (أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً ) إذا ادّعيتم أنّ المال راجع لكم (وَإِثْماً مُّبِيناً ) إذا أخذتموه خفيةً دون دراية منهنّ فيكون حكمه حكم السرقة والسارق آثم .

21 - (وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ ) أي تأخذون المال (وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ ) يعني وقد نطق الزوج بِما وهبهُ لزوجته من الصداق أمام الشهود وأفضى بهِ ، يقال أفضى إليه أسرارهُ أي كشف له عن أسرارِه ، ومن ذلك قول علقمة بن النعمان يُخاطب الحارث :

                                   وأنتَ امْرؤٌ أفضَتْ إليكَ أمانَتِي      وقبلَكَ ربَّتني فَضِعْتُ رُبوبُ

يقول الشاعر إليك كشفتُ عن أسراري ونطقتُ بِها الّتي كانت أمانة في صدري ، وقال الأعشى يكشف عن أسرار امرأة اسمها ميثاء :

                                     لِمَيْثَاءَ إذْ كانَتْ وَأهْلُكَ جِيرَةٌ      رِئاءٌ وإذْ يُفْضِي إليكَ رَسُولُها

وقال الآخر :
                                            أفضَى إليكَ بِسرّهِ قَلَمٌ      لو كانَ يَعْقِلُهُ بَكَى قَلَمُهْ

ويؤيّد هذا قوله تعالى (وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا ) على الصُداق والمال الّذي أعطيتُموهُ لهنّ ، وهو الصكّ الّذي كُتِبَ فيه الصُداق . وهذا حكم الزوجة المدخول بِها .

22 - وكانوا يُحلّلون نكاح زوجة الأب بعد موته فنهى الله المسلمين عن ذلك فقال تعالى (وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ ) يعني إلاّ ما مضى في زمن الجاهليّة فلا يعاقب عليه من أسلم وترك تلك العادة (إِنَّهُ) أي نكاح زوجة الأب (كَانَ فَاحِشَةً ) أي زِناً (وَمَقْتًا) أي ممقوتاً عند الله (وَسَاء سَبِيلاً ) أي ساء طريقاً .

23 - (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ ) أي حُرِّمَ عليكم نكاح اُمّهاتكم (وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ ) سواء كانت اُختك من أبيك أو من اُمّك (وَعَمَّاتُكُمْ) وهي اُخت الأب (وَخَالاَتُكُمْ) وهي اُخت الاُمّ (وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ ) أيضاً يحرم نكاحها ، إلاّ إذا كانت رضعات معدودة ، يعني أقل من سبع رضعات فلا تُعتبر اُمَّهُ ، وإذا زادت الرضعات على السبع فأصبحت اُمَّهُ في الرضاعة وتحرم عليه (وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ ) أيضاً تحرم عليكم (وَأُمَّهَاتُ نِسَآئِكُمْ ) تحرم عليكم (وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَآئِكُمُ ) يعني بنت زوجتك الّتي هيَ من رجل آخر ونشأت في بيتك يحرم عليك نكاحها لأنّ اُمّها زوجتُك (اللاَّتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ ) يعني إذا أجريت صيغة العقد على امرأة ثمّ طلّقتها أو ماتت قبل أن تجامعها وكانت لَها بنت من زوجها الأوّل وأردتَ أن تتزوّجها فلا حرج عليك في ذلك (وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمُ ) مفرد "حلائل" "حليلة" وهي الزوجة . أي وزوجات أبنائكم تحرم عليكم (الّذينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ ) يعني إذا كان إبنك الحقيقي تحرم زوجته عليك ، ولكن إن كنت مُتبنّيهِ وليس ابنك فلا حرج عليك من نكاح زوجتهِ إذا طلّقها أو مات (وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ ) يعني ولا يجوز أن تتزوّج اُختين دفعة واحدة إلاّ إذا ماتت الاُولى أو طلّقتها فيجوز حينئذٍ أن تتزوّج الثانية (إَلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ ) قبل الإسلام فلا إثم عليكم بهِ (إِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُورًا ) للتائبين (رَّحِيمًا) بالمؤمنين .

24 - (وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ ) أي وحُرِّمَ عليكم كلّ امرأة مُتزوّجة وهيَ تحت نكاح زوجها لم يطلّقها ، فالمحصَنة بفتح الصاد معناه المتزوّجة ، لأنّ الزوج يكون لَها كالحصن المنيع (إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ) من المحصنات من السبي ، يعني من نساء المشركين اللّاتي أخذتموهنّ بالحرب فلا بأس عليكم في نكاحهنّ بعد أن يستبرئنَ بحيضةٍ لمن لم تكن حاملاً ، أمّا الحامل حتّى تضع حملها وبعد شهر من وضع الحمل يُباح زواجها (كِتَابَ اللّهِ عَلَيْكُمْ ) يعني كتب الله تحريم ما حرّم وتحليل ما حلّل عليكم كتاباً فلا تُخالفوه (وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ ) أي واُحلّ لكم غير ما ذكرناهُ عليكم من المحرّمات ، وبعبارة اُخرى واُحِلّ لكم باقي النساء اللاّتي لم يأتِ تحريمهنّ في هذه السورة ولكن بشرط (أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَالِكُم ) وهو الصُداق (مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ ) أي أعفّة غير زُناة ، فكلمة "مُحصِنين" بكسر الصاد معناهُ مُتعفّفين (فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ ) أي بالتمليك ، من قوله تعالى (إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ) ، (مِنْهُنَّ) أي من نساء المشركين اللاّتي أخذتموهنّ سبايا بالحرب (فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ) أي صداقهنّ (فَرِيضَةً) فرضها الله لكلّ زوجة وإن كانت من السبايا (وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُم بِهِ ) من قلّة الصداق أو كثرته (مِن بَعْدِ الْفَرِيضَةِ ) يعني من بعد تعيين مقدار الصُداق ، أي المهر (إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيمًا ) بمصالح العباد (حَكِيمًا) فيما فرض لهم . فمن قال أنّ الآية تشير إلى المتعة بأن يتزوّج الرجل امرأة لمدة قصيرة ثمّ يُطلّقها ثمّ تتزوّج غيره وهكذا مراراً عديدة فقد أخطأ ولا تجوز المتعة كما ذهبوا إليهِ وهي نوع من الزِنا .

------------------------------------
<<الصفحة السابقة الصفحة الرئيسة الصفحة التالية>>



كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم