كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
21 - (أُوْلَـئِكَ الّذينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ ) في الآخرة (وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ ) من قولهم هؤلاء شفعاؤنا عند الله ، فلم يجدوهم هُناك ولم يشفعوا لهم ، وكلمة "ضلّوا" معناها ضاعوا ، تاهوا .
22 - (لاَ جَرَمَ ) أي لا شكّ أو لا ريبَ ، ومن ذلك قوله تعالى في سورة الإسراء { وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلاً لاَّ رَيْبَ فِيهِ } أي لا شكّ فيهِ . وقال تعالى في سورة آل عمران {فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ } ، (أَنَّهُمْ فِي الآخِرَةِ هُمُ الأَخْسَرُونَ ) لأنّهم سيخسرون الجنّة يوم القيامة .
23 - (إِنَّ الّذينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُواْ إِلَى رَبِّهِمْ ) يعني وسكنت نفوسهم إلى لقاء ربّهم ، فكلمة (أَخْبَتُواْ) معناها سكنوا وهدأوا ، والشاهد على ذلك قول عنترة :
كانوا يَشُبُّونَ الحُرُوبَ إذا خَبَتْ قِدماً بِكُلِّ مُهَنَّدٍ فَصَّالِ
والمعنى : إطمأنّوا إلى لقاء ربّهم وإلى ما وعدهم بهِ من النعيم (أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ الجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) . ونظيرها قوله تعالى في سورة الفجر {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ . ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً . فَادْخُلِي فِي عِبَادِي . وَادْخُلِي جَنَّتِي } .
24 - (مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ ) أي الكافرين والمؤمنين (كَالأَعْمَى وَالأَصَمِّ ) مثَل الكافر (وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ ) مثَل المؤمن (هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً ) يعني هل يكون سواءً حال الأعمى والأصمّ وحال البصير والسميع عند رجُلٍ عاقل ، فكما لا تستوي هاتان الحالتان عند العُقلاء كذلك لا تستوي حال الكافر والمؤمن عند الله (أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ ) يعني أفلا تتّعِظون ؟
25 - (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ ) فقال لهم (إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ ) عن عبادة الأصنام (مُّبِينٌ) بأنّي مُرسَل من الله تشهد بذلك بيّناتي .
26 - (أَن لاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ اللّهَ إِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ ) أي مؤلم ، هو اليوم الّذي غرقوا فيهِ .
27 - (فَقَالَ الْمَلأُ الّذينَ كَفَرُواْ مِن قِوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلاَّ بَشَرًا مِّثْلَنَا ) فلو كنتَ ملَكاً لصدقناك (وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلاَّ الّذينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا ) أي لم يتّبعك الرؤساء والأشراف منّا وإنّما اتّبعك الفقراء الّذينَ لا مال لهم ولا جاه (بَادِيَ الرَّأْيِ ) أي الأمرُ ظاهرٌ وبيّن أنّهم اتّبعوك لأجل أن تُساعدهم وتعطيهم من المال لأنّهم فقراء ضعفاء ، فكلمة "بدى" معناها ظهرَ للعيان ، وكلمة "رأي" معناها العلم والفكر ، والمعنى : إنّ الّذينَ اتّبعوك أمرُهم معروف وسرّهم مكشوف بأنّهم اتّبعوك لأجل المال والمساعدة (وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ ) أي ما نرى لكم من زيادة علينا في المال والعشيرة والأولاد بل نحنُ أكثر منكم أموالاً وأولاداً وعدداً (بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ ) فيما تدّعونهُ من إسلامكم ونبوّة نوح فيكم .
28 - (قَالَ) نوح (يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ ) يعني أعطوني رأيكم ماذا يكون مصيركم (إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّيَ ) يعني على بيان دائم ووحيٍ مُتّصل من ربّي وكذّبتموني فماذا يكون مصيركم بعد التكذيب . ومِثلها في المعنى في سورة فصلت {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُم بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ } ، (وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِهِ ) الرحمة هي النبوّة (فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ ) أي خَفِيَتْ عليكم لأنّكم لم تفكّروا فيها ولم تستعملوا عقولكم بل سِرتم على تقاليد آبائكم فخسرتم (أَنُلْزِمُكُمُوهَا) الرحمة (وَأَنتُمْ لَهَا كَارِهُونَ ) يعني هل هي شيء مادّي فأضعهُ في أيديكم بالقوّة أم هي شيء معنوي يجب أن تفكّروا فيها وتتدبّروا أمرها وتستعملوا عقولكم فيها لكي تصيبوا الحقيقة ؟
29 - (وَيَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ ) أي على تبليغ الرسالة والإنذار (مَالاً إِنْ أَجْرِيَ ) أي ما أجري بذلك (إِلاَّ عَلَى اللّهِ وَمَآ أَنَاْ بِطَارِدِ الّذينَ آمَنُواْ ) كما تطلبون منّي (إِنَّهُم مُّلاَقُو رَبِّهِمْ ) في الآخرة فيشكونني عندهُ إن طردتهم (وَلَـكِنِّيَ أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ ) عواقب الاُمور .
30 - (وَيَا قَوْمِ مَن يَنصُرُنِي مِنَ ) عذاب (اللّهِ إِن طَرَدتُّهُمْ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ ) أي أفلا تتّعِظون ؟
31 - (وَلاَ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ ) ، وهذا ردّاً على قولهم { وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ } ، أي من زيادةٍ في المال ، فقال لا أقول لكم إنّي أكثر منكم مالاً وعندي خزائن الله (وَلاَ أَعْلَمُ الْغَيْبَ ) فأخبركم بالعذاب متى يكون وقوعهُ (وَلاَ أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ ) وهذا ردّاً على قولهم { مَا نَرَاكَ إِلاَّ بَشَرًا مِّثْلَنَا } ، فقال : أنا بشر مثلكم ولكنّ الله يختار للرسالة من يشاء من عباده (وَلاَ أَقُولُ ) للفقراء (لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ ) يعني الّذينَ تحتقرونهم لأنّهم فقراء ، ومن ذلك قول عمرو بن كلثوم :
بِأَيِّ مَشِيَئةٍ عَمْرو بْنَ هِنْدٍ تُطيعُ بِنا الوُشاةَ وتَزْدَرِينَا
(لَن يُؤْتِيَهُمُ اللّهُ خَيْرًا ) في المستقبل ، بل كلّ الخير لهم ، والشرّ كلّهُ لكم (اللّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنفُسِهِمْ ) من حُسن نيّة وصفاء قلب وكرم أخلاق ولذلك هداهم إلى الإيمان ، فإن طردتهم (إِنِّي إِذًا لَّمِنَ الظَّالِمِينَ ) لهم .
32 - (قَالُواْ يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتَنِا بِمَا تَعِدُنَا ) من العذاب (إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ).
33 - (قَالَ) نوح في جوابهم (إِنَّمَا يَأْتِيكُم بِهِ اللّهُ إِن شَاءَ ) يعني متى شاء (وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ ) أي لا تفوتونهُ بالهرب .
------------------------------------كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |