كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
222 - وجاء رجل من الصحابة فسأل النبيّ (ع) عن حُكم النساء وقت الحيض ، فنزلت هذه الآية (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ ) أي عن أمر المحيض وحكمه (قُلْ هُوَ أَذًى ) للنساء ، لأنّ جِماع الحائض يسبّب لها مرضاً في بيت الأرحام ، وقد جاء في مجلة "طبيبك" العدد 198 شباط 1973 ميلاديّة سؤال من حلب يسأل هل هناك محذور من مقاربة الحائض ؟ فكان الجواب : "نعم ، تكون الرحِم أيّام الطمث مُتفتّحة العروق محتقنة بالدماء مُستعدّة لتلقّف الجراثيم وحدوث الإنتان والإلتهاب فضلاً عن أنّ تقلّصات الرحم أثناء الاتّصال قد تسبّب نزفاً دمويّاً ." [إنتهى ]
ثمّ إنّ الزوج تشمئزّ نفسه من زوجته إذا رآها في تلك الحالة ، وربّما يقع في قلبه كُرهٌ لها بعد ذلك ، فيجب على الزوجة أن تفطن إلى ذلك فلا تدعهُ يجامعها وقت الحيض ، ويجب عليها أن تترك الزينة والتجميل في أيّام الحيض لئلاّ يقترب منها زوجها ، ولذلك قال تعالى (فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ ) أي اعزلوا فراشكم عن فراشهنّ وقت النوم (وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ ) بالجِماع (حَتَّىَ يَطْهُرْنَ ) من الدم ويغتسلنَ منه (فَإِذَا تَطَهَّرْنَ ) بالماء واغتسلنَ (فَأْتُوهُنَّ) أي فارجعوا إليهنّ في الفراش وجامعوهنّ إنْ شئتم ذلك (مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ ) أي من الجهة التي أمركم الله باجتنابها وقت المحيض واعتزال النساء بسبب ذلك المكان ، وهو الفرج . (إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ ) من الذنوب (وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ) بالماء إذا جامعوا نساءهم . فالحائض لا يباح جماعها سواء قُبلاً كان أم دبُراً، وأقلّ مدّة للحائض خمسة أيام إذا طهرت قبل الخمسة وأوسطها سبعة وأكثرها حتّى تطهر .
معنى الاعتزال : توجد بعض المستشفيات تسمّى مُستشفى الاعتزال أو مستشفى العزل ، وهو أن يعزلوا فيه المرضى المصابون بأمراض مُعدية ، وإنّما يعزلونهم في تلك المستشفى لئلاّ يُصاب غيرهم بهذا المرض فتنتقل العدوى منهم إلى غيرهم من الأصحّاء .
حُكم الحيض عند اليهود
إنّ العادة عند اليهود إذا حاضت إحدى نسائهم فلا يقترب منها زوجها في الفراش ولا في المنام ولا يأكل معها طعاماً ولا يأخذ من يدها مأكولاً أو مشروباً ، فيعزل فراشه عن فراشها وطعامه عن طعامها ولا يأخذ شيئاً من يدها فإنّها نجسة حتّى تطهر من حيضها ، وهكذا عندهم الاعتزال حتّى أنّهُ إذا مسّ ثوبها أو جسمها بيده يتنجّس فيجب عليه أن يغتسل ، ولا يُباح له أن يجامعها إلاّ بعد انتهاء مدّة الحيض بسبعة أيّام ، فيكون انقطاعه عنها أربعة عشر يوماً ، وهكذا شدّد الله عليهم الحكم في أمر الحيض . وقد خفّف الله على المسلمين بسبعة أيّام فأباح لهم أن يُجامعوا زوجاتهم بعد انتهاء مدّة الحيض والغسل منه مُباشرةً دون تأجيل .
223 - (نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ ) أي مزدرعٌ لكم ومحترَث تزرعون فيهنّ البنين والبنات (فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) أي كيف شئتم ، والدليل على ذلك قوله تعالى في سورة المائدة {انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ ثمّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ } ، أي كيف يؤفكون . ومن ذلك قول حسّان بن ثابت:
فوقفتُ بالبيداءِ أسألُها أنَّى اهْتَدَيْتِ لِمنزلِ السَّفْرِ
يعني كيف اهتديتِ ، وقال عبيد بن الأبرص :
تَصْبُو وَأَنَّى لَكَ التَّصَابِي أَنَّى وَقَدْ رَاعَكَ المشِيبُ
والمعنى : فاأتوا نساءكم كيف شئتم نياماً أو جلوساً أو غير ذلك ، لأنّ اليهود قالوا إذا جامع الرجل زوجته من الخلف في فرجها جاء الولد أحول ، فنزلت هذه الآية تكذيباً لهم (وَقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُمْ ) من الأعمال الصالحة (وَاتَّقُواْ اللّهَ ) في مخالفة أوامره (وَاعْلَمُواْ أَنَّكُم مُّلاَقُوهُ ) بعد موتكم ، ضمير الهاء في قوله (مُّلاَقُوهُ) يعود لقوله (وَقَدِّمُواْ) يعني واعلموا أنّكم ملاقون ما قدّمتم لأنفسكم من خيرات . ومثلها قوله تعالى في السورة نفسها { وَمَا تُقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللّهِ } ، (وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ) بدخول الجنة .
224 - حلفَ عبد الله بن روّاحة أن لا يدخل على ختنهِ ولا يبرّهُ بشيء ولا يصلح بينه وبين امرأتهِ ، فكان يقول إنّي حلفتُ بهذا فلا يحلّ لي أن أفعلهُ بعد اليمين ، فنزلت هذه الآية (وَلاَ تَجْعَلُواْ اللّهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ ) أي لا تجعلوا اليمين بالله سبباً لترك الخيرات عن الناس وقطع البِرّ عنهم (أَن تَبَرُّواْ وَتَتَّقُواْ وَتُصْلِحُواْ بَيْنَ النَّاسِ ) والمعنى : لا تحلفوا بالله على ترك البِرّ وترك صِلة الرحم وترك الإصلاح بين الناس (وَاللّهُ سَمِيعٌ ) لأقوالكم (عَلِيمٌ) بأفعالكم .
225 - (لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِيَ أَيْمَانِكُمْ ) "اللّغو" هو الكلام الذي لا فائدة فيه ، و"الأيمان" جمع يمين وهو الحِلف بالله ، والمعنى : لا يؤاخذكم الله بالحنث على أيمانكم التي لا فائدة فيها ، وذلك مثل أن يحلف الإنسان أنّه لا يُعطي فقيراً شيئاً بعد يومه ، ثمّ يحنث عن يمينهِ ويُعطي صدقة للفقراء ، فهذا لا يؤاخذه الله في حنثهِ على ذلك ، أو يحلف أنّه لا يُصلح بين الناس بعد يومه ، ثمّ يحنث ويُصلح بين المتخاصمين ، فإنّ الله تعالى لا يؤاخذه على ذلك ، وهكذا كلّ يمين يقسم الإنسان عليه أن لا يعمله وهو من أعمال الخير فهو لغوٌ . وكذلك إذا حلف يميناً على شيء وهو يرى نفسه صادقاً ثمّ تبيّن له أنّ الأمر عكس ذلك ولكن لم يكن يعلم فلا يؤاخذه الله عليه ، ولكن يجب عليه أن يُخبر من حلف له بأنّه قد أخطأ بيمينه والصحيح هو كذا وكذا ، ثمّ يستغفر ربّهُ على ما صدرَ منهُ من اليمين قبل أن يتأكّد من الخبر أو الحادث الّذي أخبرَ بهِ (وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ ) من المكر والخديعة مع من تعاقدتم معه على بيع أو شراء أو شراكة وحلفتم على ذلك يميناً ثمّ حنثتم اليمين وخنتم العهد فإنّ الله تعالى يؤاخذكم عليه ويلزمكم كفّارته .(وَاللّهُ غَفُورٌ ) لمن تاب وأعطى الكفّارة (حَلِيمٌ) يُمهل عبيده ليتوبوا .
------------------------------------كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |