كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
236 - (لاَّ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ النِّسَاء مَا لَمْ تَمَسُّوهُنُّ ) أباح الله تعالى طلاق المرأة التي لم تدخل بِها سواء فرضتَ لَها مهراً أو لم تفرضْ ، وذلك قوله تعالى (أَوْ تَفْرِضُواْ لَهُنَّ فَرِيضَةً ) والتقدير : ما لم تمسّوهنّ مِمّن فرضتم أو لم تفرضوا لَهنّ فريضة .
فالتي فرضت لَها مهراً وأردت طلاقها فلها نصف المهر ، أمّا التي لم تفرض لها مهراً كالبديلة والموهوبة وغير ذلك فلها جُعالة إن أردت طلاقها : أي تجعل لها مقداراً من المال ، وذلك قوله تعالى (وَمَتِّعُوهُنَّ) أي أعطوهنّ من متاع الدُنيا ، ومن ذلك قول الأعشى :
أثْوَى ثَوَاءَ كريمٍ ثُمَّ مَتَّعَنِي يومَ العَرُوبةِ إذْ ودّعْتُ أصْحَابا
فقول الشاعر " ثُمَّ مَتَّعَنِي" ، أي أعطاني من متاع الدُنيا . وهذا حكم المرأة التي لم تدخل بها ، أمّا الزوجة الّتي دخلت بها فلا يُباح طلاقها إلاّ أن تأتي بفاحشةٍ مُبيّنة ، وقوله (عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدْرُهُ ) أي على الغنيّ قدر تمكينهِ وعلى الفقير قدر تمكينه (مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ ) أي وسطاً ليس فيه إسراف ولا تقتير (حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ ) أي واجباً على الّذينَ يُحسنون الطاعة ويتجنّبون المعصية .
237 - (وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ ) يعني إذا تزوّج أحدكم بفتاة باكرة ولم يتمكّن من إزالة بكارتها وأراد أن يطلّقها لهذا السبب أو لسبب آخر فلها نصف المهر (إَلاَّ أَن يَعْفُونَ ) يعني إلاّ أن تعفو الزوجة عن حقّها لزوجها (أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ ) وهو القاضي الّذي أجرى لهما صيغة العقد ، وذلك إذا ثبتَ لهُ أنّ أحدهما غنيٌّ والآخر فقيرٌ فيعفو القاضي حقّ الغنيّ منهما لزوجه الفقير ، أو كان أحدهما غابناً والآخر مغبوناً فيعفو القاضي حقّ الغابن للمغبون من الزوجين : مثَلاً إذا تزوّج شخص امرأةً ولم يرها إلاّ بعد عقد النكاح ولم تُعجبهُ لأنّها قبيحة المنظر ، أو وجد فيها عيباً فاشمأزّت نفسه منها ولم يدخل بها وأراد أن يُطلّقها ، أو أجبره أبوه على الزواج منها وهو لا يهواها ولم يدخل بها وأراد طلاقها ، فمثل هؤلاء مغبونون فيجب على القاضي الّذي بيده عقدة النكاح أن ينظر في قضاياهم ويحكم للمُحقّ منهما (وَأَن تَعْفُواْ ) أيّها الرجال عن النصف الآخر إن كنتم أغنياء (أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ) أي أقرب من الصدقة الّتي تتجنّبون بها الأخطار وحوادث الأيّام إذْ بذلك يدفع الله عنكم البلاء وشرّ الأعداء (وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ ) إن كنتم أقرباء فلا تتشاجروا فيما بينكم لأجل المال . فكلمة "النسيان" معناها الترك ، ومن ذلك قولهُ تعالى في سورة الأعراف { فَالْيَوْمَ نَنسَاهُمْ كَمَا نَسُواْ لِقَاء يَوْمِهِمْ هَذَا } ، يعني نتركهم في النار كما تركوا يومهم هذا فلم يعملوا له . والمعنى : لا تتركوا الفضل بينكم بسبب الطلاق بل يعفو الغنيّ منكما لصاحبه الفقير (إِنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ) فيعاقب من يخالف أوامره . أمّا إذا مات الزوج قبل أن يطلّق وكانت في بيته فلها كلّ الأثاث وليس لها من إرثه شيء .
238 - (حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ ) جمع صلاة ، أي داوموا عليها بأوقاتها ولو في الحرب والقتال ، وهي خَمسٌ فقد جاء ذكر ثلاث منها في سورة هود وهي صلاة الصبح أي الفجر وصلاة العصر والمغرب وذلك قوله تعالى {وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللّيل ِ} فقوله تعالى {طَرَفَيِ النَّهَارِ} يعني الصبح والعصر {وَزُلَفًا مِّنَ اللّيل } يعني قريباً من اللّيل وهي صلاة المغرب فهذه ثلاث ، وجاء ذكر اثنتين منها في سورة الإسراء وهي صلاة الظهر وصلاة العشاء ، وذلك قوله تعالى في سورة الإسراء {أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللّيل } فدلوك الشمس زوالها وهي صلاة الظهر ، وغسق اللّيل ظلامهُ وهي صلاة العشاء فصار المجموع خمس فرائض (والصَّلاَةِ الْوُسْطَى ) هي صلاة الجمعة ، وصلاة الجمعة لا تُسقِط صلاة الظهر لقوله تعالى (والصَّلاَةِ الْوُسْطَى ) فخصّها دون الخمسة . (وَقُومُواْ ) بعد الصلاة (لِلّهِ قَانِتِينَ ) أي مُنقطعين عن أعمال الدُنيا وشؤونها متوجّهين بوجوهكم وقلوبكم إليه . ويُباح الجمع بين الصلاتين عند الضرورة والحرب والسفَر فيُجمَع بين الصلاتين عند اغتنام الفرصة .
239 - ثمّ بيّنَ سُبحانهُ حكم الصلاة عند الخوف من العدو ، أي وقت الحرب وذلك عند مسيرهم مشاةً أو رُكباناً والعدوّ يتربّص لهم فقال (فَإنْ خِفْتُمْ ) من عدوّ وكنتم سائرين (فَرِجَالاً) أي فصلّوا راجِلِين ، جمع راجِل ، يعني فصلّوا وأنتم ماشون على أرجلكم (أَوْ رُكْبَانًا ) أي أو راكبين على ظهور دوابّكم . والإنسان مخيّر في هذه الحالة من أن يُصلّي بالتمام أو أن يقصر فيصلّي ركعتين بدل الأربع ، وذلك لقوله تعالى في سورة النساء {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الّذينَ كَفَرُواْ } . وتكون صلاة وقت الخوف بلا ركوع ولا سجود بل بالإيماء ، وذلك عند المسير لا عند الإقامة ، ويسقط عنه التوجّه نحو القِبلة ، وإذا لم يمكنه الوضوء فبالتيمّم . وإذا كان الإنسان في مواضع الحرب وصار وقت الصلاة فليصلِّ في مكانه ولو كان اتّجاههُ لغير القِبلة ، ولا حرج عليه أن يُصلّي وهو جالس أو نائم إذا لم يمكنه القيام لسببٍ من الأسباب (فَإِذَا أَمِنتُمْ ) من العدوّ وزال الخوف عنكم (فَاذْكُرُواْ اللّهَ كَمَا عَلَّمَكُم ) أي فصلّوا بركوع وسجود والتوجّه إلى القبلة كما علّمكم أن تُصلّوا (مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ ) قبل الإسلام .
240 - (وَالّذينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ ) أي يموتون (وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا ) أي يتركون زوجات (وَصِيَّةً لِّأَزْوَاجِهِم ) يعني فليوصوا قبل موتهم وصيّة لهنّ (مَّتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ ) يعني ما ينتفعنَ به من النفَقة والكِسوة والسُكنى سنة كاملة (غَيْرَ إِخْرَاجٍ ) أي لا تخرجوهنّ من بيوت الأزواج إلى بيوت آبائهنّ (فَإِنْ خَرَجْنَ ) باختيارهنّ قبل الحَول وبعد انتهاء العِدّة (فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ ) يا أولياء الميّت ووارثيهِ (فِي مَا فَعَلْنَ فِيَ أَنفُسِهِنَّ ) من التزيّن والتعرّض للخِطبة (مِن مَّعْرُوفٍ ) أي مِمّا ليس بمنكر شرعاً ، فوليّ الميّت عليه أن يقوم بنفقة الزوجة حولاً كاملاً ، فإذا خرجت زوجة الميّت قبل انتهاء الحول وبعد انتهاء العِدّة لكي تتزوّج ولم ترجع لدار زوجها الميّت سقط حقّها من النفقة (وَاللّهُ عَزِيزٌ ) ينتقم مِمّن يخالف أوامره (حَكِيمٌ ) في أفعاله فلا يأمركم بشيء إلاّ فيه صلاح لكم .
------------------------------------كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |