كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
25 - (وَاتَّقُواْ فِتْنَةً ) أي تجنّبوا بليّةً (لاَّ تُصِيبَنَّ الّذينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً ) بل تعمُّ الجميع (وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) لمن عصاهُ .
26 - (وَاذْكُرُواْ) نِعمةَ الله عليكم (إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ ) أي في أرض مكّة (تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ ) أي تخافون أن يقبض عليكم المشركون من قريش فيضربوكم أو يقتلوكم (فَآوَاكُمْ) إلى مدينةِ يثرب (وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ ) يوم بدر (وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) نِعَمَهُ.
27 - نزلت هذه الآية في أبي لُبَابة بن عبد المنذر الأنصاري ، وذلك أنَّ رسول الله حاصر يهود قُريظة إحدى وعشرين ليلةً فسألوهُ الصُلح ، فقال النبيّ : "بمن تقبلون حكَماً بين الطرفين؟" ، قالوا : "نرضى بأبي لبابة" ، وكان مُناصحاً لهم لأنَّ مالهُ وعيالهُ وأولادهُ كانت عندهم ، فبعثهُ رسول الله إاليهم ، فقالوا : "ما ترى يا أبا لُبابة أننزل على حكم سعد بن معاذ؟" فأشارَ أبو لبابة بيدهِ إلى رقبتهِ ، يعني إنَّهُ الذبح فلا تقبلوا . فأتى جبرائيل وأخبر النبيّ بذلك ، قال أبو لبابة : "فوالله ما زالت قدماي من مكانهما حتى عرفتُ إنّي قد خنتُ الله ورسولهُ " ، فلمّا نزلت الآية شدَّ نفسهُ على ساريةٍ من سواري المسجد وقال : "والله لا أذوق طعاماً ولا شراباً حتى أموت أو يتوب الله عليَّ " ، فمكث سبعةَ أيّام لا يذوق فيها طعاماً ولا شراباً حتّى خرَّ مغشياً عليهِ ، ثمّ تاب الله عليه ، فقيل لهُ : "يا أبا لُبابة لقد تاب اللهُ عليك" ، فقال : "لا والله لا أحلُّ نفسي حتّى يكون رسول الله هو الّذي يحلّني" ، فجاء النبيّ وحلّهُ بيدهِ ، ثمّ قال أبو لبابة : "إنَّ من إتمام توبتي أن أهجر دار قومي الّتي أصبتُ فيها الذنب وأن أخلع من مالي" ، فقال النبي (ع) : "يجزئك الثلث أن تتصدّق بهِ" . (يَا أَيُّهَا الّذينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ ) بعصيان أوامرهِ (وَالرَّسُولَ) بكشفِ أسرارهِ لِأعدائهِ (وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ ) الّتي ائتمنكم عليها (وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ) ما في الخيانة من الذمّ والعقاب .
28 - (وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ ) لكم ، أي اختبار وامتحان فلا تصدّكم عن طاعة الله . فإنَّ أبا لبابة حملهُ على ما فعلهُ مالُهُ الّذي كان في أيدي اليهود وأولادُه الّذينَ كانوا بين ظهرانيهم (وَأَنَّ اللّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ ) لمن أطاعهُ ونجحَ في هذا الإمتحان .
29 - (يِا أَيُّهَا الّذينَ آمَنُواْ إَن تَتَّقُواْ ) معاصي (اللّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً ) أي يجعل لكم بصيرةً ونوراً تُفرِّقون بهما بين الخيرِ والشرِّ لئلّا تقعوا فيه (وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ) ما مضَى من ذنوبكم (وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ) على عبادهِ المؤمنين .
30 - نزلت هذه الآية في حادثة دار الندوة ، وذلك أنَّ رؤساء قريش اجتمعوا في دار قُصي بن كِلاب وتآمروا في إهلاك النبيّ (ع) فقال عروة بن هشام نتربّص بهِ ريب المنون ، وقال البحتري أخرجوهُ عنكم تستريحوا من أذاهُ ، وقال أبو جهل ما هذا برأي ولكن اقتلوهُ بأن يجتمع عليه من كل بطنٍ رجُل فيضربوهُ بأسيافهم ضربة رجل واحد ، فيرضى حينئذٍ بنو هاشم بالدية . فاتفقوا على هذا الرأي وأعدّوا الرجال والسلاح . وجاء جبرائيل وأخبر رسول الله بذلك ، فخرج من داره إلى الغار ومعهُ أبو بكر ، وأمرَ علياً فباتَ على فراشهِ ، وأرسل الله تعالى حمامة فباضت عند باب الغار وجاء العنكبوت وسدّى نسجهُ على باب الغار ، فلمّا أصبحوا وفتّشوا الفراش وجدوا عليّاً ، فقالوا اين محمّد؟ فقال لا أدري ، فاقتصّوا أثَرهُ وأرسلوا في طلبهِ فلمّا وصلوا جبل ثور ومرّوا بالغار رأوا على بابهِ نسج العنكبوت وبيض الحمامة ، فقالوا لو كان هنا لم يبق نسج على باب الغار بل لتمزّق . فمكث النبيّ في الغار ثلاثة أيّام ومعه أبو بكر وبعدها هاجرا إلى المدينة ، وكانت بنت أبي بكر تراقبهما وتأتيهما بما يحتاجان إليهِ من طعام وشراب . الآية (وَإِذْ) تقديرهُ واذكُرْ يا محمّد نِعمة ربّك عليك إذ (يَمْكُرُ بِكَ الّذينَ كَفَرُواْ ) من قُريش (لِيُثْبِتُوكَ) أي ليحبسوك ويُقيّدوك (أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ ) من مكّة إلى بلدٍ آخر (وَيَمْكُرُونَ) بك جهلاً منهم وعناداً (وَيَمْكُرُ اللّهُ ) بهم (وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ) بأن جعل ما أرادوهُ بك وقع بهم وشرّهم عادَ عليهم فمكّنكَ الله منهم فقتلتَهم وأسَرتَهم .
31 - (وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُواْ ) أي قال المشركون (قَدْ سَمِعْنَا ) مِثلها في قِصص الماضين (لَوْ نَشَاء لَقُلْنَا مِثْلَ هَـذَا ) القرآن (إِنْ هَـذَا إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأوَّلِينَ ) سطروها في الكتب . فردَّ الله عليهم فقال تعالى [في سورة الطور ] {فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِّثْلِهِ إِن كَانُوا صَادِقِينَ } بقولهم (لَوْ نَشَاء لَقُلْنَا مِثْلَ هَـذَا ) . فلمّا عجزوا عن الإتيان بمثلهِ قالوا :
32 - (وَإِذْ قَالُواْ اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَـذَا ) القرآن (هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِندِكَ ) أرسلتَهُ إلى محمّد (فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السَّمَاء ) كما أمطرتَها على قوم لوط وعلى أصحاب الفيل (أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ) كما أتيتَ قوم صالح . فقال الله تعالى مخاطباً رسوله :
33 - (وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ ) مُقيمٌ (فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ ) في الماضي (وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ) فيقولون غُفرانك ربّنا . والمعنى : لا نعذّبهم اليوم لأنّك مُقيم بينهم ولا أنزلنا عليهم عذاب الاستئصال في الماضي لأنّهم يستغفرون ولأنَّ البيت جعلناهُ أماناً للناس فلا يليق بنا أن ننزّل فيه العذاب .
34 - (وَمَا لَهُمْ أَلاَّ يُعَذِّبَهُمُ اللّهُ ) بأيديكم بدل عذاب الاستئصال (وَهُمْ يَصُدُّونَ ) أولياءهُ (عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُواْ ) هؤلاء المشركون (أَوْلِيَاءهُ) أي أولياء المسجد وإن سعَوا في عمارتهِ (إِنْ أَوْلِيَآؤُهُ إِلاَّ الْمُتَّقُونَ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ ) الحقيقة .
------------------------------------كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |