كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل

بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى)

توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت)

الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة

فهرس الآيات , البحث في القرآن الكريم

تفسير سورة المعارج من الآية( 37) من كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل   بقلم محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) : 

37 - (عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ) أي عن يمينه وعن شماله مجتمعون وبه محيطون ولكلامه سامعون. فالعزين معناه الاجتماع حول إنسان حتى يكونوا كالحلقة ، والشاهد على ذلك قول عُبيد بن الأبرص:

                فَجَاءُوا يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ حَتَّى      يَكُونُوا حَوْلَ مِنْبَرِهِ عِزِينَا

وقال عنترة:
                   وقرنٍ قد تركتُ لدي مُكرٍ     عليه الطيرُ كالعصب العِزينا

أي مجتمعة عليه .

38 - (أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ) أي من الكافرين (أَن يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ) بأعمال البر وهو مشرك؟ كلّا لا تقبل أعماله ولا يفيده برّه مادام مشركاً .

39 - (كَلَّا) لا يدخل الجنّة ، (إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّمَّا يَعْلَمُونَ) أي من تراب الأرض ، ويعلمون أيضاً أن أجسامهم تعود إلى الأرض بعد الموت فتكون تراباً ، فلمّا علموا ذلك فلماذا يستنكرون المعاد والبعث فالذي خلق الأجسام من التراب وأعادها إلى التراب أليس قادراً على خلقها مرّة أخرى ؟

40 - (فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ) أي مشارق الشمس ومغاربها ، فالكواكب السيّارة كلها لها مشارق ومغارب ، وكلمة "فلا" دليل المستقبل ، والمعنى: ليس أجسامهم وحدها تكون تراباً بل حتّى الكواكب السيارة ومن جملتها الأرض سوف تتمزّق وتنتثر أجزاؤها في الفضاء ، يعني كلّ جرم تشرق عليه الشمس وتغرب عنه يتمزق في ذلك الوقت. وممّا يؤيد هذا قوله تعالى في سورة الإنفطار {وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انتَثَرَتْ } أي تشقّقت وأنتثرت اجزاؤها في الفضاء فتكون نيازك ، وقوله (إِنَّا لَقَادِرُونَ) على إعادة الأجسام الميتة إلى الحياة ثانية ولكن لا حاجة إلى ذلك لأنّ النفوس حية باقية وهي الإنسان الحقيقي .

41 - (عَلَىٰ أَن نُّبَدِّلَ خَيْرًا مِّنْهُمْ) يعني ليست قدرتنا على إعادة المثل فقط بل قادرون على أن نجعل إعادتها خيراً من الأولى وأحسن شكلاً وخلقاً ولكن لا لزوم إلى ذلك (وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ) أي لم يسبق لنا أن نعيد الأجسام الميتة إلى الحياة ونعيد النفوس إليها ثانية إلا لإظهار معجزة ، وليس من المعقول أن نعيد الطير إلى بيضته التي خرج منها بعد أن كبر وطار وبعد أن تمزّق قشر بيضته . وقد سبق تفسير مثل هذه الآية في سورة الواقعة آية 60 .

42 - (فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا) في هذه الأوهام (وَيَلْعَبُوا) في هذه الدنيا (حَتَّىٰ يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ) به وهو يوم القيامة .

43 - (يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ) أي من القبور ، يعني تخرج النفوس من القبور والمخابئ (سِرَاعًا) أي مسرعين إلى الداعي (كَأَنَّهُمْ إِلَىٰ نُصُبٍ يُوفِضُونَ) أي يسرعون ويتسابقون ، ومن ذلك قول الحطيئة:

                وقِدراً إِذا ما أَنْفَضَ الناسُ أَوْفَضَتْ      إلى نارِها سَعياً إليها الأرامِلُ

وقال جرير يصف سفرهم على النوق وقد ضلّوا الطريق:

                      وَإذا الأدِلّةُ خاطَرُوا مَجْهُولَهَا      مشقوا لياليَ خمسها المستوفضِ

أي السير السريع. وقال أيضاً:

               وَهُمْ نَزَعوا بالرّوْعِ قلبَ ابنِ حابسٍ      كما استَوفضَتْ خيلٌ بكَبّتها الإبِلا

و"النُصُب" هي أحجار كبيرة كانوا يذبحون عليها الأنعام للأصنام وينادي منادٍ منهم هلمّوا إلى أخذ اللّحم فيتسارعون من بيوتهم إليه فيوزّعونه عليهم مجاناً ويرجعون به إلى أهلهم . والخروج من القبور خاص بالكافرين ، والدليل على ذلك قوله تعالى في سورة القمر {خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ} ، وقال تعالى في سورة ي س {قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ} .

44 - (خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ) أي ذليلة خاضعة (تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ) أي تشقّ عليهم وتكلفهم المذلّة بين النفوس (ذَ‌ٰلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ) به في دار الدنيا للعذاب والعقاب .

                       تم بعون الله تفسير سورة المعارج ، والحمد لله ربّ العالمين .

                                                      سورة نوح

------------------------------------
<<الصفحة السابقة الصفحة الرئيسة السورة التالية>>



كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم