كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
43 - (عَفَا اللّهُ عَنكَ ) يا محمّد (لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ ) في الانصراف ، يعني لهؤلاء المنافقين الّذينَ استأذنوهُ في القعود عن القتال بأعذار كاذبة (حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الّذينَ صَدَقُواْ ) منهم (وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ ) منهم أيضاً .
44 - (لاَ يَسْتَأْذِنُكَ ) في التخلّف والقعود عن الجهاد (الّذينَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ) مِنْ (أَن يُجَاهِدُواْ ) معك (بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ ) .
45 - (إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ ) في القعود المنافقون (الّذينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ ) بكثرة الشك (فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ ) أي في شكّهم (يَتَرَدَّدُونَ) أي يتقلّبون . فالريب معناهُ الشكّ ، ومن ذلك قول عنترة :
يرَونَ احتِمالي عِفّةً فيُريبُهم توفّرُ حِلمِي أنّني لستُ أغْضَبُ
46 - (وَلَوْ أَرَادُواْ ) أي المنافقون (الْخُرُوجَ) مع النبيّ للقتال (لأَعَدُّواْ لَهُ عُدَّةً ) أي لهيّأوا له أسباب الحرب ولكنهم لم يتهيّأوا له (وَلَـكِن كَرِهَ اللّهُ انبِعَاثَهُمْ ) مع المؤمنين إلى القتال لِما عَلِمَ في قلوبهم من نفاقٍ وخيانة (فَثَبَّطَهُمْ) أي وقَّفهم عن الخروج ، والمعنى : جعل في نفوسهم الكسل وفي قلوبهم الخوف فتوقفوا عن الخروج (وَقِيلَ) لهم (اقْعُدُواْ مَعَ الْقَاعِدِينَ ) في بيوتكم مع النساء والصبيان .
47 - (لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم ) أيُّها المؤمنون (مَّا زَادُوكُمْ ) قوّةً ونصراً (إِلاَّ خَبَالاً ) أي إلاّ شرّاً وفساداً ، وقد سبق معنى "خَبال" في سورة آل عمران أيضاً (ولأَوْضَعُواْ خِلاَلَكُمْ ) أي ولنشروا وبثّوا بينكم أخباراً كاذبة ، يُقال "هذا حديثٌ موضوع" ، أي كاذب لا صِحة لهُ ، ومن ذلك قول الأعشى يخاطب رجُلاً أحبَّ سلمى :
أَقْصِرْ فإنّكَ طالَما أوْضعْتَ في إعْجابِها
يعني إنَّك مدحتها باطلاً مدحتها بشيءٍ لم تستحقّ المدح فيه ، (يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ ) أي يُريدون أن يفتنوكم ويلقوا بينكم العداوة بتلك الأحاديث الموضوعة (وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ ) أي وفيكم من يُصغي لقولهم ويظنّ أنّهم صادقون في قولهم وذلك لجهله بهم وبما يضمرونهُ في قلوبهم (وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ ) فلا تَخفَى عليه أعمالهم ولا أسرارهم .
48 - (لَقَدِ ابْتَغَوُاْ ) لأصحابك (الْفِتْنَةَ مِن قَبْلُ ) أي من قبل غزوة تبوك ، و"الفتنة" هي إغواء الناس بالأكاذيب والأضاليل وصدّهم عن الإيمان وعن الجهاد وإلقاء الشبهة في قلوب ضعفاء المسلمين (وَقَلَّبُواْ لَكَ الاُمور ) بكذبهم وسوء أخلاقهم (حَتَّى جَاء الْحَقُّ ) أي حتّى جاءك النصر الّذي وعدك الله بهِ ، فالحقّ هو وعد الله بالنصر لرسولهِ (وَظَهَرَ أَمْرُ اللّهِ ) أي وغلبَ دينهُ وعلت كلمتهُ (وَهُمْ كَارِهُونَ ) نصرنا لك ، والمعنى : كان ذلك على رغمٍ منهم .
49 - (وَمِنْهُم) يعني من المنافقين الّذينَ سبق ذكرهم (مَّن يَقُولُ ائْذَن لِّي وَلاَ تَفْتِنِّي ) يعني لا تُعذّبني بالخروج معك إلى القتال حيث الحرُّ شديد وليس لي طاقةٌ على تحمُّل الحرّ ، والّذي قالها هو جدُّ ابن قيس أخو بني سلمة ، فأذنَ لهُ النبيّ بالانصراف (أَلاَ فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُواْ ) يعني في العذاب سقط هؤلاء المنافقون (وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ ) وهذا تهديدٌ لهم ووعيدٌ بالعذاب في الآخرة .
50 - (إِن تُصِبْكَ ) يا محمّد (حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ ) يعني إنْ تَنَلْكَ نِعمة من الله وفتح وغنيمة يحزن المنافقون (وَإِن تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ ) يعني شِدّة ونَكبة (يَقُولُواْ قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِن قَبْلُ ) أي أخذنا الحذر بالقعود من قبل هذه النَكبة فسلمنا منها (وَيَتَوَلَّواْ) إلى أهلهم (وَّهُمْ فَرِحُونَ ) بما أصابكم من سوء .
51 - (قُل) لهم يا محمّد (لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَا ) من خيرات وإنْ أصابتنا سيّئة فمن أنفسنا وبسوء تصرّف أصحابنا في الاُمور . والشاهد على ذلك قوله تعالى في سورة النساء {مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ } ، (هُوَ مَوْلاَنَا ) يعني هو متولّي أمرِنا ومُساعَدتِنا وناصرُنا على أعدائنا ، ومن كان الله وليّهُ فلا يخاف العاقبة (وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ) في الخروج إلى قتال المشركين .
52 - (قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا ) أي تنتظرون لنا (إِلاَّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ ) يعني إحدى الخِصلتين الحميدتين إمّا الغلَبة والغنيمة وإمّا الشهادة والفوز بنعيم الجنّة (وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ ) أي ننتظر لكم (أَن يُصِيبَكُمُ اللّهُ بِعَذَابٍ مِّنْ عِندِهِ ) كالمرض أو الفقر أو شِدّة من شدائد الدنيا (أَوْ) يُصيبكم (بِأَيْدِينَا) بإقامة الحدّ عليكم ضرباً بالسياط (فَتَرَبَّصُواْ إِنَّا مَعَكُم مُّتَرَبِّصُونَ ) أي فانتظروا العاقبة إنَّا معكم مُنتظرون .
53 - ثمَّ بيّنَ سُبحانهُ أنَّ هؤلاء المنافقين لا ينتفعون بما ينفقون مع إقامتهم على الكفر والعصيان فقال: (قُلْ أَنفِقُواْ طَوْعًا أَوْ كَرْهًا ) أي طائعين أو مُكرَهين (لَّن يُتَقَبَّلَ مِنكُمْ إِنَّكُمْ كُنتُمْ قَوْمًا فَاسِقِينَ ) أي خارجين عن طاعة الله وطاعة رسوله .
54 - (وَمَا مَنَعَهُمْ ) من الإنفاق في الماضي لو كانوا مؤمنين بالله وبرسولهِ ، ولكن امتناعهم عن الإنفاق في الماضي جعل (أَن) لا (تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ ) في الحاضر لأنّهم ينفقون رئاء الناس ، وما كان سبب امتناعهم عن الإنفاق (إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللّهِ وَبِرَسُولِهِ ) وهذا كان سبب امتناعهم عن الإنفاق (وَ) لذلك (لاَ يَأْتُونَ الصَّلاَةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَى ) أي مُتكاسلين مُتثاقلين (وَلاَ يُنفِقُونَ ) اليوم (إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ ) .
------------------------------------كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |