كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل

بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى)

توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت)

الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة

فهرس الآيات , البحث في القرآن الكريم

تفسير سورة النّور من الآية( 44) من كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل   بقلم محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) : 

44 - (يُقَلِّبُ اللَّهُ اللّيل وَالنَّهَارَ ) باختلافهما وزيادة أحدهما على الآخر ، وذلك بسبب حركة الأرض ودورانها حول محورها (إِنَّ فِي ذَلِكَ ) التقلّب ودوران الأرض (لَعِبْرَةً لِّأُوْلِي الْأَبْصَارِ ) أي الّذينَ يتبصّرون في آيات الله سُبحانهُ وتعالَى .

45 - (وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ) أي كلّ حيوان يدبّ على الأرض (مِن مَّاءٍ ) وهي النُطفة (فَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ ) وهي الحيّة والدود والسمك (وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ ) وهم الإنس والجن والطير (وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ ) وهي الأنعام والوحوش والسباع والخيل والحمير وغير ذلك (يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ ) من مخلوقات اُخرى (إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) .

46 - (لَقَدْ أَنزَلْنَا آيَاتٍ مُّبَيِّنَاتٍ ) لتفكّروا وتتّعِظوا بها ، والمبيّنات هي الآيات المحكَمات (وَاللَّهُ يَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ) .

47 - ثمّ أخذَ سُبحانهُ في ذمّ المنافقين فقال (وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ) أمرهما (ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِّنْهُم ) عن طاعتهما (مِّن بَعْدِ ذَلِكَ ) أي من بعد قولهم آمنّا (وَمَا أُوْلَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ) حقيقةً .

48 - (وَإِذَا دُعُوا إِلَى ) كتاب (اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ) فيما تشاجروا فيهِ (إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم مُّعْرِضُونَ ) عن الحقّ وعن حُكم الرسول .

49 - (وَإِن يَكُن لَّهُمُ الْحَقُّ ) يعني وإذا عَلِموا أنّ الحقّ يكون لهم والنبيّ يحكم لهم (يَأْتُوا إِلَيْهِ ) يعني إلى النبيّ (مُذْعِنِينَ) أي مُسرعين مُنقادين .

50 - ثمّ أنكرَ عليهم أعمالهم هذه فقال تعالى (أَفِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ ) أي شكّ في نبوّتك (أَمِ ارْتَابُوا ) في عدلك ، أي هل رأوا منك حُكماً غير عادلٍ (أَمْ يَخَافُونَ أَن يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ) أي يجورَ عليهم (وَرَسُولُهُ) في الحُكم فيظلمهم ولا يحكم لهم بالعدل . ثمّ أخبرَ سُبحانهُ بأن ليس شيء من ذلك فقال (بَلْ أُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) .

51 - (إِنَّمَا كَانَ ) ينبغي (قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ ) أي إن كانوا مؤمنين حقّاً (إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ) فيما تشاجروا فيهِ (أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا ) قول النبيّ (وَأَطَعْنَا) أمرهُ ، كغيرهم من المؤمنين (وَأُوْلَئِكَ) المطيعون (هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) أي الفائزون بنعيم الجنّة .

52 - (وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ) في أمرهما (وَيَخْشَ اللَّهَ ) في مخالفةِ أمرِه (وَيَتَّقْهِ) أي ويتّقِ عقابهُ في مخالفةِ رسوله (فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ ) .

53 - ولَمّا بيّنَ سُبحانهُ كراهتهم لحُكمهِ في الآية السابقة قالوا للنبيّ لو أمرتنا بالخروج من ديارنا وأموالنا لفعلنا . فنزل قوله تعالى (وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ ) بالخروج (لَيَخْرُجُنَّ) من ديارهم (قُل لَّا تُقْسِمُوا ) على الكذِب ، إن كانت لديكم (طَاعَةٌ) كما تقولون فهيَ (مَّعْرُوفَةٌ) بالأفعال ولا يكفي بالأقوال (إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ) فيعاقبكم على أفعالكم هذهِ .

54 - (قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ ) في كتابهِ (وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ) في أوامرِه . ثمّ وجّه الكلام إليهم فقال تعالى (فَإِن تَوَلَّوا ) عنهُ وتُعرِضوا عن طاعتهِ فلن تضرّوهُ شيئاً (فَإِنَّمَا عَلَيْهِ ) أي على النبيّ (مَا حُمِّلَ ) من تبليغ الرسالة (وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ ) من الطاعة والمتابعة (وَإِن تُطِيعُوهُ ) أي تطيعوا الرسول فيما يقول (تَهْتَدُوا) إلى الرُشد والصلاح (وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ) وقد بلّغَ وأنذَر .

55 - (وَعَدَ اللَّهُ الّذينَ آمَنُوا مِنكُمْ ) إيماناً صادقاً (وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ ) أي يجعلهم خُلفاء يتصرّفون في الأرض فيخلفون من سبقهم (كَمَا اسْتَخْلَفَ الّذينَ مِن قَبْلِهِمْ ) بني إسرائيل بدلاً عن الفراعنة بمصر والعمالقة بالأردن (وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ ) وهو دين الإسلام بأن يُظهرهُ على جميع الأديان ويُوسّعَ لهم في البلاد فيملكوها (وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ ) من مشركي العرب (أَمْنًا) وقد أنجز الله ما وعدهم (يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ) وهذا شرطٌ لدوام الملْك فإن أشركوا ذهبت سُلطتهم وزال مُلكهم (وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ ) الإنعام (فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) . وقد كفَروا بنِعَم الله وفسَقوا في زمن مُلوك بني العبّاس فسلّط الله عليهم التتر والمغول فهجموا عليهم ودمّروهم تدميرا .

56 - (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ) .

57 - (لَا تَحْسَبَنَّ الّذينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ ) لنا (فِي الْأَرْضِ ) أي لا يفوتوننا فالموت يلحقهم حيثما ذهبوا (وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ ) في الآخرة (وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ) مصيرهم فيها .

58 - لَمّا تقدّم أحكام النساء والرجال ومن اُبيحَ لهُ الدخول على النساء استثنى الله سُبحانهُ أوقاتاً من ذلك فقال (يَا أَيُّهَا الّذينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنكُمُ الّذينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ) معناهُ : مُروا عبيدكم أن يستأذنوا عليكم إذا أرادوا الدخول إلى مواضع خلواتكم (وَالّذينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنكُمْ ) أي من أحراركم ، وهم الّذينَ تتراوح أعمارهم بين الثانية عشرة والرابعة عشرة ، ثمّ بيّنَ سُبحانهُ متى يجب الاستئذان فقال (ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ) في اليوم ، وهي (مِن قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ ) حيث كانت المرأة نائمة ورُبّما كانت عريانة فيجب على من أراد الدخول إلى غرفتها أن يسـتأذن لكي تستر نفسها قبل الدخول إلى غرفتها (وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم ) للقيلولة (مِّنَ الظَّهِيرَةِ ) يعني عند النوم بعد الظهر فيجب عليهم أن يستأذنوا إذا أرادوا الدخول عليكم (وَمِن بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ) حيث يكون وقت النوم واختلاء الزوج بزوجتهِ فحينئذٍ يجب عليهم أن يستأذنوا إذا أرادوا الدخول إلى غرفتكم لمشورةٍ أو قضاء عملٍ ، تلك (ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَّكُمْ ) فلا تكشفوها لعبيدكم ولا لصبيانكم (لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ ) أي ليس عليكم حَرَجٌ ولا عليهم بدون استئذان بعد هذه الأوقات الثلاثة ، هم (طَوَّافُونَ عَلَيْكُم ) في الخدمة ، أي مُكثرون المجيء إليكم والذهاب عنكم فلا داعيَ في هذه الأوقات إلى الاستئذان حيث أنتم قاعدون غير نائمين (بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ ) يعني أنتم تطوفون عليهم وهم يطوفون عليكم (كَذَلِكَ) يجب عليكم أن تستأذنوا إذا أردتم الدخول على عبيدكم وهم نيام مع أزواجهم (يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ ) في الأحكام (وَاللَّهُ عَلِيمٌ ) بالعواقب إن لم تستأذنوا (حَكِيمٌ) فيما فرضهُ عليكم من أمر الاستئذان .

------------------------------------
<<الصفحة السابقة الصفحة الرئيسة الصفحة التالية>>



كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم