كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
45 - (أَلَمْ تَرَ إِلَى ) أعمال (رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ ) بسبب دوران الأرض حول محورها ، والمدّ من الإمداد أي كيف جعل الظِلّ في الأرض مُتّصلاً ينتقل من جهةٍ إلى اُخرى لا ينقطع ، وظلّ الأرض هو اللّيل (وَلَوْ شَاءَ ) ربّكَ (لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ) بأن يوقف الأرض عن دورتها المحوريّة فيبقَى الظلّ ثابتاً في جهةٍ واحدة فحينئذٍ يهلك من شدّةِ الحرّ من هو في جهةِ النهار ، ويهلك من شِدّةِ البرد من هو في جهة اللّيل (ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا ) يعني جعلنا اُفول الشمس دليلاً على قدوم اللّيل .
46 - (ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا ) أي قبضنا الظِلّ بشروق الشمس على تلك الجِهة فزال الظلّ منها (قَبْضًا يَسِيرًا ) أي سهلاً بلا مشقّة ولا تكليف .
47 - (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللّيل لِبَاسًا ) أي سِتراً (وَالنَّوْمَ سُبَاتًا ) أي راحةً (وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا ) تنتشرون فيهِ على الأرض لطلب رزقكم وقضاء حوائجكم .
48 - (وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا ) أي مُبشّرات بالمطر (بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ ) أي قبل نزول المطر بقليل ، والمطر هو رحمة للناس (وَأَنزَلْنَا) بالرياح (مِنَ السَّمَاء مَاءً طَهُورًا ) أي طاهراً ومُطهّراً .
49 - (لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَّيْتًا ) أصلها ميتةً فحُذِفت إحدى التائين لتسهيل الكلام ، وحياة الأرض كناية عن خصبها ، وموتها كناية عن جدبها (وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا ) أي واُناساً كثيرين ، فاُناسيّ جمع اُناس ، ومن ذلك قول كعب بن زُهير :
حديثُ أُناسِيٍّ فلمّا سَمِعتُهُ إذا ليسَ فيهِ ما أبِينُ فأَعْقِلُ
50 - (وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ ) أي صرّفنا الماء في الأرض وقسّمناهُ بينهم على قِسمَين فبعضهُ يجري على وجه الأرض فتكون منه الأنهار والبحار فيشربوا منها ويتطهّروا ويسقوا أنعامهم وزرعهم ، والقِسم الثاني يتصرّف في باطن الأرض وفي الجبال فتكون منه الينابيع والآبار فيشربوا منها ويسقوا أنعامهم وزرعهم ، كلّ هذه النِعم جعلناها لهم (لِيَذَّكَّرُوا) أي ليتّعِظوا ويذكروا الله مُنعِمَها فيشكروهُ (فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا ) لهذهِ النِعم.
51 - (وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيرًا ) ليُساعدوك على تبليغ الرسالة ولكن لا داعيَ إلى ذلك فالله هو المساعد لكَ وناصركَ على أعدائك .
52 - (فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ ) في المداهَنة والإستجابة إلى ما يريدون (وَجَاهِدْهُم بِهِ ) أي بالقرآن (جِهَادًا كَبِيرًا ) أي شديداً .
53 - (وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ ) "مرجُ البحر" هياجهُ واضطرابهُ بالعواصف والأمواج ، ومن ذلك قولهم "في المدينة هرج ومرج" أي قتال ومُشاجرة وضوضاء ، ومن ذلك قول أبي داوُد :
مَرِجَ الدِّينُ فأَعْدَدْتُ له مُشْرِفَ الحارِكِ مَحْبُوكَ الكَتَدْ
والمعنى : الله الّذي أهاج البحرين بالعواصف فتلاطمت أمواجهما وارتفعت السُحب منهما فصارت أمطاراً غزيرة ليردع فرعون وجيشه بها ويؤخّرهم عن اللّحاق بموسى ومن معهُ ، ولَمّا لم يرتدعوا أغرقهم الله في أحد البحرَين (هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ ) يعني أحدهما بارد وخالٍ من الأملاح وصالح للشرب وهو نيل مصر ، والآخر مالح فيهِ مرارة وهو البحر الأحمر ، فالعذب معناه البارد ، والشاهد على ذلك قول النابغة الذبياني يصف امرأة :
زَعَمَ الْهُمَامُ بِأَنَّ فاها بارِدٌ عَذْبٌ مُقَبَّلُهُ شَهِيُّ الْمَوْرِدِ
يقول الشاعر التقبيلة من فمها شهيّة باردة ، والدليل على ذلك قول حسّان بن ثابت الأنصاري:
تَبَلَتْ فُؤادَكَ في الْمَنامِ خَرِيدَةٌ تَسْقِي الضَّجِيعَ بِبارِدٍ بَسَّامِ
وإنّما يكون الماء بارداً لأنّه يجري ، وعادةً الجاري يكون أبرد من الراكد على الدوام . وكلمة "فرات" معناها خالص أي خالٍ من الأملاح . وقال حسّان يهجو أبا سفيان :
وَلكِنْ هَجِينٌ ذُو دَناةٍ لِمُقْرِفٍ مُجاجَةَ مِلْحٍ غَيْرِ صافٍ ولا عَذْبِ
(وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا ) أي حاجزاً (وَحِجْرًا مَّحْجُورًا ) أي وحجاباً مانعاً من وصول المياه من أحدهما إلى الآخر .
54 - (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاء بَشَرًا ) يعني أولاد آدم خلقهم من ماءٍ دافق ، وهي النُطفة (فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا ) "النسَب" هم أقرباؤك ما تناسَل من جدّك يعني أعمامك ، و"الصهر" أخوالك يعني الّذينَ اتّصلوا بك بالمصاهَرة أي بالزواج فأخذتَ منهم امرأة أو أعطيتهم امرأة ، والشاهد على ذلك قول حسّان :
يَعْتادُنِي شَوْقٌ فَأَذْكُرُها مِنْ غَيْرِ ما نَسَبٍ ولا صِهْرِ
يعني ليس بيني وبينها قرابة ولا مُصاهرة ، وقال امرؤ القيس :
لأَخٍ رَضِيْتُ بِهِ وشارَكَ فِي ال === أنسابِ والأَصْهارِ والفَضْلِ
فأولاد آدم يرجع نسبهم إلى آدم ولكنّهم صاهَروا الأجناس الاُخرى فتزوّج بعضهم من بنات الصين الجنس الأصفر فصارَ صِهراً لهم ، وتزوّج بعضهم من الجنس الأسود فصار صِهراً لهم (وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا ) على خلق الإنسان من الماء مرّة ومن الطين اُخرى .
55 - (وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنفَعُهُمْ وَلَا يَضُرُّهُمْ ) من الأصنام والأوثان (وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيرًا ) يعني على محاربة ربّهِ مُعيناً ، والمعنى : إنّ الكافر يُساعد المشرك على إشراكهِ ويحارب المؤمن على إيمانهِ .
56 - (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا ) بالجنّةِ لِمَن آمن (وَنَذِيرًا) بالعذاب لمن امتنعَ عن الإيمان وكفر .
------------------------------------كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |