كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
45 - (وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ ) أي على بني إسرائيل (فِيهَا) أي في التوراة (أَنَّ النَّفْسَ ) تُقتلُ قِصاصاً (بِالنَّفْسِ) إذا كان القتل بغير حقّ (وَالْعَيْنَ) تُفقأ قِصاصاً (بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ ) تُجدعُ قِصاصاً (بِالأَنفِ وَالأُذُنَ ) تُقطعُ قِصاصاً (بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ ) تُقلعُ قِصاصاً (بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ ) أي ذات قِصاص يُقتصّ فيها ، وكلّ هذا في العمد ، أمّا في الخطأ فالدِية من مال الجاني (فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ) أي بالقِصاص فعفَى عن الجاني (فَهُوَ) أي العفو (كَفَّارَةٌ لَّهُ ) عن ذنوبه (وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللّهُ ) في كتابهِ من الحُكم فيجعل بدل قطع اليد غرامة وبدل السرقة أربعة أمثال ما سرق (فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) لقومهم ولأنفسهم . وإليك ما جاء في مجموعة التوراة في هذا الخصوص وذلك في سِفر التثنية في الإصحاح التاسع عشر قال : [ لا تُشفِق عينكَ ، نفسٌ بنفسٍ ، عينٌ بعينٍ ، سنٌّ بسنٍّ ، يدٌ بيدٍ ، رِجلٌ برِجلٍ . ]
46 - (وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم ) يعني أتبعنا على آثار النبيّين الّذينَ أسلموا لأمر الله (بِعَيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ) رسولاً من بعدهم (مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ ) أي لِما هو حاضرٌ بين يديهِ (مِنَ التَّوْرَاةِ ) وهي الكلمات العشر الّتي كتبها الله تعالى لموسى في الألواح الحجريّة (وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ ) ليؤمنوا بهِ (فِيهِ هُدًى ) من الضلالة (وَنُورٌ) للهداية (وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ ) وهذا ليس بتكرار إذ الأوّل تصديق عيسى بالألواح والثاني تصديق الإنجيل بالألواح (وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ ) الّذينَ يتّقون عذاب الله بطاعتهِ .
47 - (وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإِنجِيلِ ) يعني علماء النصارى (بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فِيهِ ) من تصديق بالتوراة وبالكتب السماويّة الاُخرى (وَمَن لَّمْ يَحْكُم ) من أهل الإنجيل (بِمَا أَنزَلَ اللّهُ ) في الألواح وفي توراة موسى وقرآن محمّد (فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) أي الخارجون عن طاعة الله .
48 - (وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ ) يا محمّد مع جبرائيل (الْكِتَابَ) أي القرآن (بِالْحَقِّ) أي بتبيان الحقّ (مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ ) يعني جبرائيل مُصدّقاً لك بما نزل بهِ إليك (مِنَ) أحكام (الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ) "الهيمنة" هي المحافظة على الشيء والسيطرة عليهِ ، يعني وجبرائيل مُهيمناً على القرآن الّذي نزلَ بهِ إليك (فَاحْكُم بَيْنَهُم ) أي بين المسلمين (بِمَا أَنزَلَ اللّهُ ) إليك مع جبرائيل ولا تحكم بما في توراة عِزرا (وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ ) إذ أنكروا عليك في الحكم وقالوا ليس هذا في كتابنا (عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ ) يعني ولا تحكم بغير الحقّ الّذي جاءك في القرآن (لِكُلٍّ) من اليهود والنصارى والمسلمين (جَعَلْنَا مِنكُمْ ) يا أهل الكتب السماويّة (شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا ) أي جعلنا لكم ديناً تسيرون عليه ومنهاجاً للحُكم تحكمون بموجبهِ (وَلَوْ شَاء اللّهُ ) توحيدكم (لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً ) وهذا يتمّ عند ظهور المهدي على الحكم إن شاء الله (وَلَـكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَآ آتَاكُم ) من كتب وشرايع ، يعني لكن ليختبركم فيما آتاكم فيرى من يُطيع الله في أحكامهِ ومن يعصيهِ (فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ ) أي تسابقوا على فعل الخيرات قبل فوات الوقت بالعجز أو بالموت (إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا ) بعد الموت ، يعني إلى حُكمهِ تصير نفوسكم بعد موتكم (فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ) من أمر دينكم ، يعني فنعاقب حينئذٍ الّذينَ اختلفوا عن الحقّ ومالوا إلى الباطل .
49 - لَمّا نزلت الآية السابقة من قوله تعالى (فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ ) ، قالت اليهود هذه التوراة فاقرأوها على محمّد ليرى فيها حكم السارق ، فنزلت هذه الآية تأكيداً لِما سبق فقال تعالى (وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم ) أي بين المسلمين (بِمَآ أَنزَلَ اللّهُ ) عليك في القرآن من قطع اليد للسارق (وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ ) إذْ أنكروا عليك في الحكم أو اعترضَ الطرفان اليهود والمسلمون (وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ ) يعني أن يُضلّوك عن الصواب بأن يدعوك إلى مُشاهدة التوراة والنظر فيها إلى حكم السارق فإنّهُ حُكمٌ كتبهُ عِزرا من تلقاء نفسهِ وليس هذا في توراة موسى ، فلا يفتنوك (عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ ) من أحكام القرآن (فَإِن تَوَلَّوْاْ ) عنك ولم يوافقوا بحكم الله (فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ ) فيُعاقبهم عليها في الدنيا قبل الآخرة (وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ ) فلا ينقادون للحقّ ، فلا يهمّك اعتراضهم ولا إنكارهم لحكم الله .
50 - (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ ) هذا ردٌّ على المنافقين الّذينَ اعترضوا على حكم الله في قطع اليد للسارق (وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْمًا ) أي لا أحد حكمهُ أحسن من حكم الله (لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ ) بالحقّ ويعترفون بهِ .
51 - لَمّا انهزم المشركون يوم بدر قال المسلمون لأوليائهم من اليهود آمِنوا قبل أن يُصيبكم الله بيومٍ مثل يوم بدر . فقال مالك بن ضيف : "أغرّكم أن أصبتم رهطاً من قريش لا عِلمَ لهم بالقتال ؟ أما لو أمرونا العزيمة أن نستجمع عليكم لم يكن لكم يدٌ بقتالنا ." فجاء عبادة بن الصامت الخزرجي إلى رسول الله فقال : "يا رسول الله إنّ لي أولياء من اليهود كثيراً عددهم قويّةً أنفسهم شديدةً شوكتهم وإنّي أبرأ إلى الله ورسوله من ولايتهم ولا مولى لي إلاّ الله ورسوله" . فقال عبد الله بن أبي رئيس المنافقين : "لكنّي لا أبرأ من ولاية اليهود لأنّي أخاف الدوائر ولا بدّ لي منهم ." فقال النبي (ع) :"يا أبا الحبّاب ما نفستَ بهِ من ولاية اليهود على عبادة بن الصامت فهو لك دونهُ ." فنزلت فيهم هذه الآيات (يَا أَيُّهَا الّذينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ) أي هو كافر مثلهم (إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) إلى طريق الحقّ .
------------------------------------كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |