كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
46 - (وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ ) يا محمّد (بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ ) من العذاب في الدنيا (أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ ) فنريك تعذيبهم في الآخرة (فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ) بعد موتهم ولا يفوتوننا إن كانوا في الدنيا أو في الآخرة (ثُمَّ اللّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ ) بعد وفاتك فلا يَخفَى عليهِ شيء من أفعالهم .
47 - (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ ) ضالّة (رَّسُولٌ فَإِذَا جَاء رَسُولُهُمْ ) وبلّغ الرسالة (قُضِيَ بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ ) فننجي المؤمنين ونُهلك الكافرين (وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ ) . ومِمّا يؤيّد هذا قوله تعالى في سورة القصص {وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا } .
48 - (وَيَقُولُونَ) أي المشركون (مَتَى هَـذَا الْوَعْدُ ) الّذي تعدوننا بهِ من نزول العذاب علينا ، وهذا القول استهزاءً منهم بالعذاب (إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ) في قولكم ؟
49 - (قُل) لهم يا محمّد (لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلاَ نَفْعًا إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ ) يعني إلاّ ما شاء الله أن يُملِّكني ذلك ، (لِكُلِّ أُمَّةٍ ) مُكذّبة (أَجَلٌ) بالعذاب ، يعني لها يوم مُعيّن لوقوع العذاب (إِذَا جَاء أَجَلُهُمْ ) أي الوقت الْمُحدّد لهم (فَلاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً ) عن وقتهم (وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ ) .
50 - (قُلْ أَرَأَيْتُمْ ) يعني أَبْدُوا لي رأيكم ماذا يكون مصيركم (إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ بَيَاتًا ) يعني ليلاً (أَوْ نَهَارًا مَّاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ ) يعني : ما الفائدة من استعجالهم بالعذاب وماذا يكون مصيرهم غير الدمار والهلاك كما هلكَ من كان قبلهم ؟
51 - (أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ ) العذاب (آمَنْتُم بِهِ ) يعني ثمّ إذا وقع العذاب عليكم حينئذٍ تؤمنون بهِ ؟ أي تؤمنون بالقرآن وبمن نزل عليه القرآن حين لا يُقبَل إيمانكم ولا يفيد تضرّعكم ، بل يُقال لكم (آلآنَ) آمَنتم (وَقَدْ كُنتُم بِهِ ) أي بالعذاب (تَسْتَعْجِلُونَ) أي تطلبونهُ مُستعجلين ؟ والألف من قوله (أَثُمَّ) سؤال استفهام .
52 - (ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ ) من هؤلاء بعد موتهم وانتقالهم إلى عالم النفوس (ذُوقُواْ عَذَابَ الْخُلْدِ ) أي الدائم (هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاَّ بِمَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ ) من آثام .
53 - (وَيَسْتَنبِئُونَكَ) يا محمّد ، أي يسألونك عن البعث والحساب والعقاب (أَحَقٌّ هُوَ ) يعني أواقعٌ هو؟ (قُلْ إِي وَرَبِّي ) واقعٌ لا مَحالة (إِنَّهُ لَحَقٌّ ) يعني إنّهُ قولٌ صِدقٌ لا خلاف فيهِ (وَمَا أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ ) يعني وما أنتم بمعجزينا في الدنيا ولا بفائتينا في الآخرة بل أنتم في قبضتنا وتحت حُكمنا . فلمّا سمع المشركون هذه الآية قال بعضهم إن صحّ ما قالهُ محمّد من البعث والحساب فإنّنا نفتدي بالمال ولا نُعذّب ، فنزل قوله تعالى :
54 - (وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِي الأَرْضِ ) من أموال (لاَفْتَدَتْ بِهِ ) عن العذاب ولكن لا يُقبَل منها الفداء (وَأَسَرُّواْ النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُاْ الْعَذَابَ ) يعني تابَعوا الندامة بعضها إثرَ بعض . فالأسرار بفتح الألف جمع سِرّ ، والإسرار بكسر الألف تتابع السير ليلاً ، وتتابع العمل ،
ومن ذلك قول الأعشى يصفُ امرأة :
لَهَا كَبِدٌ مَلْسَاءُ ذَاتُ أسِرَّةٍ ونَحْرٌ كَفاثُورِ الصَّرِيفِ الْمُمَثّلِ
فقول الشاعر "ذَاتُ أسِرَّةٍ " يعني بطنها ذات خطوط مطويّة مُتتابعة بسبب سِمنتها وبياضها ، يعني مثل خطوط الجبين المتتابعة ، وفي مختار الصحاح قال : "السِرار" واحد أسرار الكفّ والجبهة وهي خطوطها ، يعني التجعّدات الّتي فيها . وقال امرؤ القيس يصف السماء والجبال الّتي تحتها وقت غروب الشمس وهي مُكلّلة بالغيوم :
مُكلّلةً حَمْراءَ ذاتِ أسِرَّةٍ لها حُبُكٌ كأنّها من حبائلِ
(وَقُضِيَ بَيْنَهُم ) أي بين التابعين والمتبوعين (بِالْقِسْطِ) أي بالعدل (وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ ) .
55 - (أَلا إِنَّ لِلّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ) أي ما في الكواكب السيّارة ومن جملتها الأرض من أملاك فلا حاجة له بالمال ليأخذ منهم الفداء (أَلاَ إِنَّ وَعْدَ اللّهِ ) في البعث والحساب والعقاب (حَقٌّ) أي كائنٌ لا مَحالة (وَلَـكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ ) الحقيقة .
56 - (هُوَ يُحْيِي ) أي يُنشئ من الماء والتراب أحياءً (وَيُمِيتُ) بعدّة أسباب (وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) بعد موتكم .
57 - (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم ) آيات القرآن (مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ ) من الأمراض النفسيّة والجهل والنفاق (وَهُدًى) إلى طريق الحقّ (وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ) ينالونها في الآخرة .
58 - (قُلْ) يا محمّد لهؤلاء المشركين (بِفَضْلِ اللّهِ ) أسلم المؤمنون (وَبِرَحْمَتِهِ) يعيشون في الآخرة (فَبِذَلِكَ) الفضل الّذي تفضّل به الله عليهم بالإسلام وبالرحمة الّتي أعدّها لهم في الآخرة (فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ ) أي خيرٌ لهم مِمّا يجمع المشركون من أموال ، لأنّ الأموال تزول والرحمة تدوم .
59 - (قُلْ أَرَأَيْتُم ) يعني أعطوني رأيكم في (مَّا أَنزَلَ اللّهُ لَكُم مِّن رِّزْقٍ ) يعني من الأنعام التي أنزلها من الجبل الذي خلق الله فيه آدم وحوّاء ، وذلك قوله تعالى في سورة الزمر {وَأَنزَلَ لَكُم مِّنْ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ } ، (فَجَعَلْتُم مِّنْهُ حَرَامًا وَحَلاَلاً ) وذلك ما حرّموهُ من السائبة والوصِيلة والبَحِيرة ونحوها (قُلْ آللّهُ أَذِنَ لَكُمْ ) في ذلك التحريم والتحليل (أَمْ عَلَى اللّهِ تَفْتَرُونَ ) أي تكذبون ؟
------------------------------------كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |