كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
49 - (قُلْ) يا محمّد (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ نَذِيرٌ ) من الله أرسلني إليكم (مُّبِينٌ) أي بيّن الإنذار بما أعطاني ربّي من الآيات .
50 - (فَالّذينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ ) من ربّهم (وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ) في الآخرة .
51 - (وَالّذينَ سَعَوْا فِي ) إبطال (آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ ) أي غايتهم بذلك إعجاز رسولنا (أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ) في الآخرة .
52 - (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ ) يا محمّد (مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ189 إِلَّا إِذَا تَمَنَّى ) ذلك الإنسان أن يكون نبيّاً أو رسولاً فإذا رأيناهُ لائقاً للنبوّة أو للرسالة قادِراً على تحمّل مشاقّها صابراً على أذى قومه أنزلنا عليه الوحي وبعثناهُ نبيّاً أو رسولاً ، وكذلك أنت يا محمّد تمنّيتَ فأعطيناك ما تمنّيت فقم بواجبك ولا تخَفْ من هؤلاء المشركين فالله ينصرك عليهم ، وقوله (أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ ) أي في نبوّتهِ ، والمعنى : ولَمّا نُرسلهُ إلى قومهِ يأتي شيطان من الجنّ أو من الإنس فيخوّفهُ ويثبّط عزمه ويُلقي إليهِ قولاً مخوفاً ليردّهُ عن اُمنيّتهِ ويُغيّر آراءهُ فيقول لهُ لا تذهب إلى هؤلاء لأنّهم كثيرون وأنت واحد وكيف يُمكنكَ أن تخطّئ آراءهم وتسفّهَ أحلامهم وتكفر بآلهتهم وهم أقوياء أشدّاء فيضربوك ويقتلوك ، إرجع من حيث أتيت لئلا يسخروا منك وينسبوا لك الجنون .
وبذلك يوهنُ عزمهُ (فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ) أي فيزيل الله ما يُلقي الشيطان على ذلك النبيّ من الخوف والأوهام (ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ ) أي دلائلهُ يُحكمها في قلب النبيّ ويثبّتهُ على نشرِ دعوتهِ وذلك بالأدلّة والبراهين والآيات حتّى يعتقد أنّه نبيّ وإن كان بشراً فيثبت حينئذٍ على كلامهِ ولا يتراجع عن قوله ولا يخاف قومه مهما كثروا ولا يرهبهم مهما تعنّتوا (وَاللَّهُ عَلِيمٌ ) بمن هو قابل للنبوّة (حَكِيمٌ) في أفعاله فلا يُرسل إلا من هو قادر على تحمّل مشاقّها .
53 - (لِيَجْعَلَ) الله (مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ) من الاعتراضات على المشركين (فِتْنَةً) وتشكيكاً (لِّلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ ) أي نفاق (وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ ) على الضعفاء والمساكين (وَإِنَّ الظَّالِمِينَ ) الّذينَ يظلمون الناس (لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ ) أي لفي اختلاف بعيد عن الحقّ .
والمعنى : إنّ الشيطان يُلقي على المشركين من الاعتراضات كما ألقاها على النبيّ فيقول لهم إنّه بشرٌ مثلكم يأكل ممّا تأكلون منهُ ويشربُ ممّا تشربون ولئن أطعتم بشراً مثلكم إنّكم إذاً لخاسرون . وبذلك يُلقي الشكّ في قلوبهم ، وإنّ الله تعالى يهدي منهم من كان حسَن الأخلاق طيّب النفس رحيم القلب ، ويترك من كان مُنافقاً أو بخيلاً أو ظالماً للناس فلا يهديهِ إلى طريق الحقّ ، والشاهد على ذلك قوله تعالى في سورة إبراهيم {وَيُضِلُّ اللّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللّهُ مَا يَشَاء } .
54 - (وَلِيَعْلَمَ) المؤمنون (الّذينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ) بتحكيم الآيات في قلب النبيّ وإنزالها بكثرة (أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ ) يعني ليعلم المؤمنون أن القرآن حقّ مُنزلٌ من الله وليس كما يزعم المشركون أنّه من محمّد قاله من نفسهِ (فَيُؤْمِنُوا بِهِ ) أي فيزداد إيمانهم بالقرآن (فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ ) أي تسكن وتطمئنّ قلوبهم بما جاء بهِ محمّد ولا يعتريهم شكّ ، فكلمة "خبت" معناها السكون ، ومن ذلك قول عنترة :
كانوا يَشُبُّونَ الحُرُوبَ إذا خَبَتْ قِدماً بِكُلِّ مُهَنَّدٍ فَصَّالِ
(وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الّذينَ آمَنُوا ) في المستقبل (إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ) يعني يُديم لهم الهداية فيستقيمون على طريق الحقّ ولا يرتدّون عنهُ .
55 - (وَلَا يَزَالُ الّذينَ كَفَرُوا ) أي المشركون (فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ ) أي من القرآن ، و"المرية" هي الجدال ، والمعنى : إنّهم في جدال فيما بينهم فبعضهم يقول سِحرٌ ، وبعضهم يقول كهانة ، وبعضهم يقول افتراء ، وبعضهم يقول محمّد صادق لم نعهد منه كذِباً منذُ نشأتهِ (حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ ) أي ساعة الموت (بَغْتَةً) أي فجأةً (أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ ) أي عذاب الاستئصال فلا يبقَى أحدٌ منهم ، ومن ذلك قوله تعالى في سورة الذاريات {وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ }
56 - (الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِّلَّهِ ) أي مُلك الكافرين الّذينَ ماتوا بعذاب الاستئصال فتكون خالصةً للمؤمنين يوم القيامة (يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ ) بالعدل ، أي يحكم بين النفوس (فَالّذينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ) يُدخلهم الله (فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ ) يتنعّمون فيها .
57 - (وَالّذينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ ) أي فيهِ إهانة لهم .
58 - (وَالّذينَ هَاجَرُوا ) من مكّة إلى المدينة والتحقوا بالنبيّ (فِي سَبِيلِ اللَّهِ ) ومرضاتهِ (ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ ) من أثمار الجنّة (رِزْقًا حَسَنًا وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ) .
59 - (لَيُدْخِلَنَّهُم) الجنّة (مُّدْخَلًا يَرْضَوْنَهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ ) بأحوالهم (حَلِيمٌ) إذ غفر لهم ذنوبهم ولم يُعاقبهم عليها .
60 - (ذَلِكَ) إشارةً إلى ما سبق من تعذيب الكافرين والرزق الحسَن للمهاجِرين ، والمعنى : ذلك حُكم الله في الكافرين والمؤمنين (وَمَنْ عَاقَبَ ) الكافرين (بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ) أي بمِثل ما اعتدَوا عليهِ (ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ ) ثانيةً ، يعني ثمّ اعتدَوا عليه الكافرون مرّةً اُخرى (لَيَنصُرَنَّهُ اللَّهُ ) عليهم (إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ) للمؤمنين (غَفُورٌ) لذنوبهم . نزلت هذه الآية في جماعة من مُشركي العرب لقُوا نفَراً من المسلمين لِلَيلتينِ بقيتا من شهر محرّم فقالوا إنّ أصحاب محمّد لا يقاتلون في هذا الشهر ، فحملوا عليهم فناشدهم المسلمون أن لا يُقاتلوهم في الشهر الحرام فأبَوا ، فنصر الله المسلمين عليهم فقتلوهم .
------------------------------------189 :"الرسول" الّذي تنزل عليهِ الملائكة بالوحي ، و"النبيّ" الّذي يوحَى إليهِ في المنام ، فكلّ رسول نبيّ وليس كلّ نبيّ رسولاً ، والرسول أفضل من النبيّ .كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |