كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
5 - ثمّ أباحَ للمسلمين بعض ماكان مُحرّماً على اليهود من لحوم وأطعمة فقال الله تعالى (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ ) من اللّحوم الّتي كانت مُحرّمة على اليهود (وَطَعَامُ الّذينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ ) يقصد بهم اليهود وكتابهم التوراة لأنّهم يذكرون اسم الله على ذبيحتهم ، أمّا النصارى فلا يجوز أكل ذبائحهم عدا الأطعمة الّتي لا يدخل فيها اللّحوم (وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ ) وهو ما سبق ذكره من الأطعمة فلا تمنعوه عنهم إذا أرادوا شراءهُ إن كان بينكم وبينهم صُلحٌ (وَالْمُحْصَنَاتُ) أي العفائف (مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الّذينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ ) كاليهود والنصارى والصابئة ، يحلّ لكم زواجهنّ بشرط أن تكون موحّدة غير مُشركة ثمّ تُسلِم على دين الإسلام (إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ) أي صُداقهنّ (مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ ) يعني أعفّة بالتزويج غير زُناة (وَلاَ مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ ) أي ولا متّخذي منهنّ رفيقات تزنون بهنّ سِرّاً ، فالخدن هي الرفيقة ، ومن ذلك قول جرير :
قَدْ كُنتِ خِدْناً لَنا يا هِنْدُ فَاِعْتَبِري ماذا يُريبُكِ مِنْ شَيْبِي وَتَقْوِيسِي
وقد سبق شرحها في سورة النساء أيضاً في آية 25 ، (وَمَن يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ ) أي ومن يرتدّ عن شريعة الإسلام بإنكار بعضها (فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ ) الصالح فلا يؤجر عليه (وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) الّذينَ خسِروا جزاء أعمالهم .
وإليك ما جاء في مجموعة التوراة من تحريم بعض الطيّبات على اليهود وتحليلها للمسلمين ، فقد جاء في سِفر لاويّين "الأحبار" في الإصحاح الحادي عشر قال : [وكلّم الله موسى وهارون وقال لهما كلّما بني إسرائيل وقولا لهم هذهِ هيَ الحيوانات الّتي تأكلونها من جميع البهائِم الّتي على الأرضِ ، كلّ ذي ظفر مشقوق وهو يجترّ فإيّاه تأكلون ، وأمّا هذهِ المجترّات ومن ذوات الأظفار فلا تأكلونها ، الجملُ فإنّه يجترُّ ولكنّهُ غير مشقوق الظفر فهو رجسٌ لكم ، والوبر فإنّهُ يجترُّ ولكنّهُ غير مشقوق الظفر فهو رِجسٌ لكم ، والأرنبُ فإنّهُ يجترُّ ولكنّهُ غير مشقوق الظفرِ فهو رجسٌ لكم ، والخنزيرُ فإنّهُ ذو ظفرٍ مشقوقٍ ولكنّهُ لا يجترُّ فهو رجسٌ لكم ، لا تأكلوا شيئاً من لحمها وميّتها لا تمسّوا فإنّها نجسةٌ لكم . ]
فهذه أربعة حرّمها على اليهود ، وأحلّ ثلاثة منها على المسلمين وهي الجمل والوبر والأرنب . ومختصر القول : كلّ حيوان من هذه يأكل الحشائش والحبوب ولا يأكل اللّحوم والعظام فهو حلال إلاّ الخنزير ، وكذلك الطيور كلّ طير يأكل لحوم الميتة والجِيَف فهو حرام ، وكلّ طير يأكل الحبوب والنباتات فلحمه حلال .
6 - (يَا أَيُّهَا الّذينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ ) يعني حين قيامكم للصلاة (فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ ) بالماء (وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ ) في مُقدّمة الرأس فوق اليافوخ (وَ) اغسلوا (أَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ ) ، والدليل على أنّ المراد الغَسل للرجلَين لا المسح هو التحديد بقوله تعالى (إِلَى الْكَعْبَينِ ) ، كما جاءَ في تحديد اليدين إلى المرافق ، أمّا المسح لم يـأتِ فيه تحديد . ويُباح المسح إن كانت الأرجل طاهرة من النجاسات والأوساخ وذلك في الشتاء خوفاً من البرد أو كان الماء قليلاً لا يكفي لغسل الرجلَينِ (وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُواْ ) بالماء (وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مَّنكُم مِّنَ ) مكان (الْغَائِطِ) أي من الخلاء ، يعني إذا تغوّط ، وقد سبق شرح كلمة "الغائط" في سورة النساء في آية 43 ، (أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء ) أي جامعتم النساء ولكن بدون إنزال ، أيضاً يجب عليكم الغسل (فَلَمْ تَجِدُواْ مَاءً ) للوضوء أو للغُسل (فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا ) أي اُقصدوا مُرتَفعاً من الأرض طاهراً من النجاسات والأوساخ ، ومن ذلك قول الأعشى :
يَمّمْتُ خَيْرَ فَتًى في النّاسِ كُلِّهِمُ الشّاهِديِنَ بِهِ أعْنِي وَمَنْ غَابَا
فقول الشاعر "يمّمت" يعني قصدتُ (فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ ) أي من تراب ذلك الصعيد (مَا يُرِيدُ اللّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ ) فيما يأمركم به من الغُسل في الجنابة والوضوء قبل الصلاة (وَلَـكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُمْ ) من الأوساخ والأقذار (وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ ) بالصحّة والعافية (لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) الله على ما أنعمَ بهِ عليكم .
7 - (وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ ) إذ هداكم للإسلام فأسلمتم وآمنتم (وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُم بِهِ ) رسولهُ ليلة العقبة وفي بيعة الرضوان وعند مُبايعة الرسول ، إذ كان من أسلم يبايعهُ على السمعِ والطاعة في العُسر واليُسر (إِذْ قُلْتُمْ ) للنبيّ (سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ) فيما أمرتنا بهِ ونهيتنا عنهُ (وَاتَّقُواْ اللّهَ ) في نقض الميثاق ونسيان النعمة (إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ) لا يَخفَى عليه شيء من أسراركم ولا يفوتُه شيء من إعلانكم .
8 - (يَا أَيُّهَا الّذينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ ) الناس (لِلّهِ) يعني كونوا مُعلّمين الناس القيام بدين الله والعمل بطاعتهِ والتمسّك بشريعتهِ (شُهَدَاء بِالْقِسْطِ ) أي بالعدل (وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ ) يعني ولا يحملنّكم على الإجرام (شَنَآنُ قَوْمٍ ) أي بُغضُ قومٍ (عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ ) في الحُكم بين المتخاصمين ، يعني إذا حكمتم بين خصمَين وكان أحدهما يُبغضكم أو تُبغضونهُ فتحكمون لخصمهِ باطلاً وبذلك تحملون إثم الحكم وجريمته (اعْدِلُواْ) بين الخصمَين وإن كان أحدهما عدوّاً لكم أو عدوّاً لصديقكم وقريبكم ، فالعدلُ (هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ) يعني العدل في الحكم أقربُ لتجنّب البغضاء فيما بين الخصمَين (وَاتَّقُواْ اللّهَ ) في أخذ الرشوة في الحكم (إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ) فيجازيكم على أعمالكم .
------------------------------------كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |