كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
51 - (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ) يريد بهم رسل المسيح وهم الحواريون ، والمعنى بعد وفاة المسيح قلنا لهم يا أيها الرسل (كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا) ولا تفسدوا هذه الأمّة بالتفرقة (إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) فأجازيكم على أعمالكم .
52 - (وَإِنَّ هَـٰذِهِ أُمَّتُكُمْ) النصرانية (أُمَّةً وَاحِدَةً) فلا تفرّقوها (وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ) ولا تعصونِ .
53 - ثمّ أخبر الله عنهم بأنّهم تفرّقوا إلى مذاهب كثيرة فقال تعالى (فَتَقَطَّعُوا) وصاروا أحزاباً وذلك بسبب (أَمْرَهُم) أي بسبب أمرائهم الذين (بَيْنَهُمْ) وكتبوا (زُبُرًا) أي كتباً ، جمع زبور ، فكتبوا أربعة أناجيل ، وهي إنجيل لوقا ويوحنّا ومتّى ومرقس (كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ) من الأناجيل (فَرِحُونَ) أي مسرورون بأنّهم على طريق الصواب .
54 - (فَذَرْهُمْ) يا محمد، أي اتركهم بعد أن أبلغتهم وأنذرتهم (فِي غَمْرَتِهِمْ) أي غارقين في بحر الجهل وقد غمرتهم مياهه (حَتَّىٰ حِينٍ) يعني حتّى ينصرك الله عليهم فتقتلهم وتأسرهم . وقد سبق معنى شرح كلمة الغمرة في سورة الأنعام عند قوله تعالى { إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ }.
55 - (أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُم بِهِ مِن مَّالٍ وَبَنِينَ )
56 - (نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ ) يعني أيظنّون أنّما نمدّهم بالمال والبنين مجازاةً لأعمالهم أو لكرامتهم علينا ؟ كلا (بَل) الأمرُ عكس ذلك ولكن (لَّا يَشْعُرُونَ ) .
57 - ثمّ بيّنَ سُبحانهُ حال المؤمنين الأخيار بعدما بيّنَ حال المشركين الفجّار فقال تعالى (إِنَّ) المؤمنين (الّذينَ هُم مِّنْ خَشْيَةِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ ) أي خائفون من أعمالهم لئلا يقع منهم خطأ أو نسيان فيُعاقَبون عليه .
58 - (وَالّذينَ هُم بِآيَاتِ رَبِّهِمْ ) الّتي جاءت في القرآن (يُؤْمِنُونَ) .
59 - (وَالّذينَ هُم بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ ) أحداً في العبادة .
60 - (وَالّذينَ يُؤْتُونَ ) الواجبات والطاعات (مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ ) أي خائفة لئلا يقع منهم تقصير في أداء واجب أو عمل ناقص (أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ ) بعد موتهم فيجازيهم على أعمالهم ويُدخلهم جنّاته .
61 - (أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي ) عمل (الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا ) أي للجِنان (سَابِقُونَ) يسبقون غيرهم بألف سنة .
62 - (وَلَا نُكَلِّفُ نَفْسًا ) من الطاعات (إِلَّا وُسْعَهَا) يعني إلا دون طاقتها (وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنطِقُ بِالْحَقِّ ) أي بالقول الحقّ (وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ) في زيادةٍ أو نُقصان ، وهو كتاب أعمالهم . ولا غرابة في الكتاب إذا نطق فإنّ عندنا في الدنيا كتاباً ينطق ويشهد عليك بما تكلّمتَ ونطقتَ حتّى الصفير لا يتركهُ بل يكتبهُ ، وهو المسجّل والشريط كتابهُ .
63 - (بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ ) أي في غفلةٍ تسبح في بحر الشهوات. فالغَمرة هي الماء الكثير الّذي يغمر الإنسان كالبُحيرة ، ومن ذلك قولُ الفرزدق:
ونَجَّى أبا الْمِنْهالِ ثانٍ كَأَنّهُ يَدا سابِحٍ في غَمْرَةٍ يَتَذَرَّعُ
(مِّنْ هَذَا ) الكتاب (وَلَهُمْ أَعْمَالٌ مِن دُونِ ذَلِكَ ) أي ولهم أعمال سيّئة غير الإشراك (هُمْ لَهَا عَامِلُونَ ) .
64 - (حَتَّى إِذَا ) ماتوا (أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِم بِالْعَذَابِ ) في عالم النفوس ، أي عذّبنا رؤساءهم المكذّبين لرُسُلنا (إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ ) أي يصرخون ويتضرّعون . فقلنا لهم :
65 - (لَا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ إِنَّكُم مِّنَّا لَا تُنصَرُونَ ) أي لا ندفع العذاب عنكم لأنّكم مُستحقّون لهُ .
66 - (قَدْ كَانَتْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ ) أي تُقرأ عليكم في دار الدنيا (فَكُنتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ تَنكِصُونَ ) أي ترجعون إلى الوراء مُنهزمين لئلا تسمعوها .
67 - (مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ ) أي مُستكبِرين بالحرَم على محمّد وأصحابه لا تسمعون لقولهِ (سَامِرًا) أي تتسامرون باللّيل وتتحدّثون في ذمّ محمّد وأصحابه. "السمَر" طول الحديث باللّيل بين الأحباب ، ومن ذلك قول حسّان :
فَلِوَى الخُرْبَةِ إذْ أهْلُنا كلَّ مُمْسًى سامِرٌ لاعِبُ
(تَهْجُرُونَ) أي تتركون القرآن والاستماع إلى ما فيه من موعظة ، فالهجران هو ترك الحبيب .
68 - (أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ ) يعني ألا يتدبّرون آيات القرآن الّتي هي قول الله ويفكّرون فيها فيهتدوا إلى الحقّ . ومِثلها في سورة محمد قوله تعالى {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ } يعني ألا يتدبّرون القرآن ، والفاء للتفكير . (أَمْ جَاءهُم ) من الدِّين (مَّا لَمْ يَأْتِ آبَاءهُمُ الْأَوَّلِينَ ) يعني هل جاءَ محمّد بدين جديد يُخالف دين إبراهيم ونوح وغيرهما من الرُسُل فينكرون عليهِ دينهُ ولا يؤمنون بهِ؟
69 - (أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ ) محمّداً بالصدق والأمانة (فَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ ) ألم يعرفوه صادقاً أميناً فلماذا يُنكرون عليه رسالتهُ؟
70 - (أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ ) أي بهِ ضَربٌ من الجنّ (بَلْ جَاءهُم بِالْحَقِّ ) أي بدين الحقّ (وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ ) لأنّهم يخافون على سُلطتهم ورئاستهم أن تذهب منهم .
71 - (وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءهُمْ ) بالشفاعة (لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ ) أي الكواكب السيّارة ومن جملتها الأرض (وَمَن فِيهِنَّ ) من الأحياء . فالحقّ هو الله ، وأهواؤهم هي الشفاعة حيث جعلوها في الملائكة فقالوا أنّها تشفع لنا عند الله فيُعطينا الله ما نريد بشفاعتها . فردّ الله عليهم قولهم فقال تعالى : لو اتّبع الحقّ أهواءهم فيعطيهم ما يريدون بشفاعة الملائكة وغيرها من الأنبياء لفسدت الكواكب السيّارة ومن فيهنّ من الأحياء ، وذلك لأنّ الناس مُختلفون فيما بينهم باختلاف آرائهم وعقولهم وبطلباتهم فكلّ منهم يطلب من الله حُكماً ضدّ قبيلهِ وكلّ واحد منهم يريد أن يكون ملِكاً ورئيساً على بلاده ، فإذا أعطاهم الله طلباتهم فسدت الكواكب السيّارة ومن فيهنّ بسبب التضادُد والتنازُع فيما بين الناس ، ولذلك فإن الله لا يقبل شفاعة ملَك من الملائكة ولا نبيّ من الأنبياء في ذلك لئلا يختلّ النظام وتفسد الحياة (بَلْ أَتَيْنَاهُم بِذِكْرِهِمْ ) يعني بل جئناهم بالقرآن الّذي هو موعظة لهم فيزيل عنهم الأوهام ويكشف لهم عن الحقيقة (فَهُمْ عَن ذِكْرِهِم مُّعْرِضُونَ ) يعني عن القرآن مُعرضون .
------------------------------------كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |