|
كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
51 - (وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ ) بإنذارك لهم فلا عُذرَ لهم بعد ذلك (لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ) أي لكي يتّعِظوا . ثمّ أخذَ سُبحانهُ يصف أهل الكتاب من آمن منهم بالقرآن فقال تعالى :
52 - ثمّ أخذ سبحانه يصف أهل الكتاب مَن آمَن منهم بالقرآن فقال تعالى (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ) يريد بهم الذين أسلموا من اليهود والنصارى ، والكتاب يريد به التوراة (مِن قَبْلِهِ) أي من قبل القرآن (هُم بِهِ يُؤْمِنُونَ) أي بالقرآن يصدّقون .
53 - (وَإِذَا يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ) القرآن (قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ) أي كنّا مستسلمين لأمر ربّنا منقادين بشأن التوحيد لا نشرك بعبادة ربّنا ، ولما سمعنا القرآن آمنا به لأنه يدعو إلى التوحيد كما تدعو التوراة إلى التوحيد ونبذ الأصنام .
54 - (أُوْلَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا ) مرّة بتمسّكهم بالتوحيد لَمّا كانوا على دينهم والاُخرى بإيمانهم بالقرآن واتّباعهم مَن نزلَ عليهِ القرآن (وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ ) أي يدفعون الكلمة السيِئة بكلمة حسَنة (وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ ) على الفقراء والمحتاجين .
55 - (وَإِذَا سَمِعُوا ) كلام (اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ ) تكرّماً (وَقَالُوا) للّاغين (لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ ) سلامَ مُتارَكة ، أي سلمتم منّا بالمقابلة بالمِثل (لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ ) أي لا نرضَى بالتخلّق بأخلاقهم ولا نريد صُحبتهم .
56 - وكان النبيّ (ع) يدعو لعمّهِ أبي طالب بالهداية ، فنزل قوله تعالى (إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء ) أي من كان أهلاً للهداية (وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ) أي اللّائقين للهداية .
57 - (وَقَالُوا) أي قال بعض المشركين للنبيّ (إِن نَّتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا ) أي يأخذوننا أسرى فيضربونا ويقتلونا ، فقال الله تعالى ردّاً على قولهم (أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ ) أي نجعل لهم مكاناً (حَرَمًا آمِنًا ) أي بيتاً من دخلهُ كان آمناً من عدوّهِ فكيف يخافون الآن (يُجْبَى إِلَيْهِ ) أي يُجلَب إليهِ (ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ ) مِمّا يحتاجون إليهِ من الطعام والأثمار وغير ذلك (رِزْقًا مِن لَّدُنَّا ) أي عطاءً من عندنا جارياً عليهم (وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ) عاقبة كفرهم .
58 - (وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا ) وكفرَ أهلها فأهلكناهم ، "البَطَر" هو تغيير الآراء والعادات الحسنة إلى عادات سيئة ، ومن ذلك قول الأعشى يصف فتاة :
تَهالَكُ حتَّى تُبطِرَ الْمَرْءَ عَقْلَهُ وتُصْبِي الحليمَ ذا الحِجَى بالتَّقَتُّلِ
(فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ ) خاوية (لَمْ تُسْكَن مِّن بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا ) منها ، وتلك إشارة إلى ديار عاد وثمود وقوم لوط ، وكانت قُريش تمرّ بتلك الديار والآثار وقت سفرهم للتجارة (وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ ) لديارهم وأموالهم .
59 - (وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا ) أي في عاصمتها رسولاً (يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا ) ويبيّن لهم مقاصدنا (وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ ) أي يظلمُ قويُهم ضعيفَهم .
60 - (وَمَا أُوتِيتُم ) أيّها الناس (مِّن شَيْءٍ ) مادّي (فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا ) ولكنّه يُغريكم ويُلهيكم عن ذكر الله ثمّ تتركونهُ وتنتقلون إلى الآخرة (وَمَا عِندَ اللَّهِ ) من متاع أثيري (خَيْرٌ) من متاع الدنيا المادّي (وَأَبْقَى) منهُ لأنّه لا يَفنَى ولا يزول ولا ينفد (أَفَلَا تَعْقِلُونَ ) فتستبدلون المتاع المادّي بالأثيري ؟
61 - (أَفَمَن وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا ) من ثواب الآخرة ونعيم الجنّة جزاءً على طاعتهِ ، وهو المؤمن (فَهُوَ لَاقِيهِ ) في الآخرة (كَمَن مَّتَّعْنَاهُ ) بالمال (مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) ثمّ يتركها وينتقل عنها بالموت فيندم على ما فاتهُ من تحصيل الآخرة ، وهو المشرك (ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ ) للعقاب حول جهنّم ، يعني أيكون حال المؤمن والكافر سواءً في الآخرة ؟ كلّا .
62 - (وَيَوْمَ) القيامةِ (يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الّذينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ199) أنّهم يشفعون لكم ؟ فيقولون : "ضلّوا عنّا" ، أي افتقدناهم .
63 - ثمّ أخبرَ سُبحانهُ عن حال من مات من المشركين ومن أغواهم فقال تعالى (قَالَ الّذينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ ) بالعذاب من الجنّ والشياطين (رَبَّنَا هَؤُلَاء الّذينَ أَغْوَيْنَا ) يُشيرون إلى أتباعهم من الإنس (أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا ) أنفسنا بترك طاعتك (تَبَرَّأْنَا إِلَيْكَ ) اليوم (مَا كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ ) في الماضي ، أي تبرّأنا إليك منهم ومن عبادتهم لنا . لأنّ الكافرين يخدمون الشياطين جبراً في عالَم النفوس ، والشاهد على ذلك قوله تعالى عن لسان الملائكة وذلك في سورة سبأ {قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِم بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُم بِهِم مُّؤْمِنُونَ } .
64 - (وَقِيلَ) للمشركين (ادْعُوا شُرَكَاءكُمْ ) ليشفعوا لكم كما كنتم تزعمون (فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَرَأَوُا الْعَذَابَ ) فتمنّوا (لَوْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَهْتَدُونَ ) الطريق فيخرجوا من النار .
65 - (وَيَوْمَ) القيامة (يُنَادِيهِمْ) الملَك (فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ ) حين دعَوكم إلى الإيمان ؟ فيقولون {رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ}.
------------------------------------199 : كلّ آية يأتي فيها كلمة "شُركائي" فهيَ من قول الملَك الموكّل بتعذيبهم ، لأنّهم كانوا يعبدون الملائكة ويقولون هيَ بنات الله . فالملائكة شُركاء في العمل وفي الجنّة ، والشاهد على ذلك قوله تعالى في سورة فصلت {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكَائِي قَالُوا آذَنَّاكَ مَا مِنَّا مِن شَهِيدٍ } ، فكلمة "آذنّاك" يعني أعلمناك ، والمخاطَب بذلك الملَك الموكّل بتعذيبهم .![]() |
![]() |
![]() |
||
| كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
![]() |
![]() |
![]() |
|
| كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |