كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
66 - (وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الأَمْرَ ) يعني وبيّنّا لهُ عن العذاب الّذي سيقع عند الصباح وأكّدنا لهُ بأنّ العذاب واقعٌ لا محالة (أَنَّ دَابِرَ هَؤُلاءِ ) القوم (مَقْطُوعٌ مُّصْبِحِينَ ) يعني لا يبقى منهم أحد وقت الصباح بل كلّهم يهلكون .
67 - (وَجَاء أَهْلُ الْمَدِينَةِ ) وهي سدوم (يَسْتَبْشِرُونَ) يعني فرِحين بقدوم الملائكة الثلاثة وهم على صورة غِلمان حِسان ، فجاؤوا يُريدون معهم الفاحشة .
68 - (قَالَ) لوط (إِنَّ هَؤُلاء ضَيْفِي فَلاَ تَفْضَحُونِ ) بين الناس فيسمعوا بقِصّتنا .
69 - (وَاتَّقُوا اللّهَ وَلاَ تُخْزُونِ ) .
70 - (قَالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ ) فقلنا لك لا تتعرّض لشأننا وعاداتنا .
71 - (قَالَ) لوط (هَؤُلاء بَنَاتِي إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ ) أي بنات سدوم اُطلبوهنّ للزواج إن كنتم فاعلين واتركوا ضيفي . فقالت الملائكة للوط :
72 - (لَعَمْرُكَ) هذه كلمة مُستعملة عند العرب ، وأصلها لك العُمر المديد ، وهذا كدعاء لهُ بالعُمر المديد ، ثمّ اختصروها فقالوا لعمرُكَ ، ومن ذلك قول الخنساء :
لَعَمري وما عُمري عليّ بهيِّنٍ لَنِعمَ الفَتَى أرْدَيْتُمُ آلَ خَثْعَمَا
وقال الأعشى :
إنّي لعمرُ الّذِي خَطَّتْ مَناسِكُها تَخْدِي وسِيقَ إليهِ الباقِرُ الغُيُلُ
لَئِنْ قَتَلْتُمْ عَمِيداً لَمْ يَكُنْ صَدَداً لَنَقتُلَنَّ مِثْلَهُ مِنْكُمْ فنَمْتَثِلُ
وقال النابغة :
فَلا لَعَمْرُ الَّذِي مَسَّحْتُ كَعْبَتَهُ وَما هُرِيقَ عَلَى الأَنْصابِ مِنْ جَسَدِ
(إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ ) أي لفي غفلتهم يتردّدون ، فرفعَ أحد الملائكة قبضة من التراب فضربَ بهِ وجوه القوم فعميت عيونهم ورجعوا إلى أهلهم خائبين .
73 - (فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ ) يعني أخذوا يتصايحون ويصرخون حينَ سقطت جدران بيوتهم فوق رُؤوسِهم ، وكان ذلك الحادث وقت شروق الشمس ، يعني صباحاً .
74 - (فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا ) يعني تلايمت منازلهم وانهارت فوق رؤوسهم وماتوا تحت الأنقاض (وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ ) يعني على أهل تلك القُرى الأربع مَن سَلِمَ منهم من الزلزال (حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ ) فماتوا ، أي أحجار رسوبيّة ، وقد سبق تفسير كلمة " سِجِّيل" في سورة هود أيضاً .
75 - (إِنَّ فِي ذَلِكَ ) الحادث (لآيَاتٍ لِّلْمُتَوَسِّمِينَ ) أي لدلالات واضحة على قُدرة الله في الإهلاك والتدمير لمن يُفكّر فيهم ويرى آثارهم أو يسمع أخبارهم فيتّعظ ، فالمتوسّمين هم الّذينَ يعرفون الأشياء بالوسام أي بالآثار والعلائم ، ومن ذلك قول حسّان بن ثابت :
لِكُلِّ أُناسٍ مَيْسَمٌ يَعْرِفُونَهُ === وَمَيسَمُنا فينا القَوافِي الأَوابِدُ
متى ما نَسِمْ لا يُنْكِر الناسُ وَسْمَنا وَنَعْرِفْ بِهِ الْمَجْهُولَ مِمَّنْ نُكَايِد
وقال طريف بن تميم العنبري حين جاء حصيصة يتفرّس فيهِ في سوق عُكاظ ، وكان طريف عليهِ بُرقع لئلاّ يعرفونهُ لأنّه قتل أبا حصيصة فلمّا أخذ يتفرّس فيهِ ألقى طريف بُرقعهُ وقال :
أوْ كُلَّمَا وَرَدَتْ عُكَاظَ قبيلَةٌ === بَعَثُوا إليَّ رسُولَهُمْ يتوَسّمُ
فتَوَسّمُونِي إنَّني أنَا ذَاكُمُ شاكٍ سِلاحِي في الحوادِثِ مُعْلِمُ
76 - (وَإِنَّهَا) أي القُرى الّتي تهدّمت بالزلزال وعددها أربع (لَبِسَبِيلٍ مُّقيمٍ ) أي في طريق مسلوك تسلكهُ الناس على الدوام فيرَون آثارهم ، وموقعها قرب البحر الميّت من فلسطين .
77 - (إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّلْمُؤمِنِينَ ) أي علامة واضحة للمُصدّقين بها على قدرة الله بالهلاك والدمار في ساعةٍ واحدة بل أقلّ منها .
78 - ثمّ بيّنَ سبحانهُ واقعة اُخرى فقال (وَإِن كَانَ أَصْحَابُ الأَيْكَةِ لَظَالِمِينَ ) بتكذيبهم رسولنا شعيباً ، وكانوا يسكنون في صحراء سيناء جنوب فلسطين ، والأيك شجر ليس فيهِ ثمر كالأثل والسرو والأرْز وغير ذلك ، والشاهد على ذلك قول اُميّة :
كَبُكَا الْحَمَامِ عَلَى فُرُو === عِ الْأَيْكِ فِي الْغُصُنِ الْجَوَانِحْ
وقال عنترة :
أفَمِنْ بكاءِ حمامةٍ في أيكةٍ ذرفتْ دُمُوعُكَ فوْقَ ظَهْرِ الْمِحْمَلِ
وقالت الخنساء :
تذكّرتُ صَخْراً إذْ تَغَنَّتْ حَمَامَةٌ هَتُوفٌ علَى غُصْنٍ من الأيْكِ تَسْجَعُ
وتسمّى البُقعة الّتي فيها شجر الأيك "الأيكة" أيضاً ، والأيكة معجزة شعيب ، وقد سبق الكلام عنها في سورة الأعراف في آية 85 عند قوله تعالى {قَدْ جَاءتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ } .
79 - (فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ ) فأهلكناهم بالزلزال (وَإِنَّهُمَا) يعني قوم لوط وأصحابُ الأيكة (لَبِإِمَامٍ مُّبِينٍ ) أي لفي كتابٍ مُبين سبق ذكرهما فيهِ ، وهو التوراة في سِفر التكوين ، وإنّما سُمّيَ التوراة إماماً لأنّه جاء قبل القرآن . ثمّ ذكر سبحانهُ حادثة اُخرى فقال :
80 - (وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الحِجْرِ ) يعني أصحاب البيوت الحجريّة (الْمُرْسَلِينَ) وهم قبيلة ثمود قوم صالح .
81 - (وَآتَيْنَاهُمْ آيَاتِنَا ) أي بيّناتٍ لنا (فَكَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ ) لا ينقادون للحقّ .
82 - (وَكَانُواْ يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ ) أحجاراً ويبنون بها (بُيُوتًا آمِنِينَ ) من تخريبها بالأمطار والسيول ، فزلزلنا بهم الأرض .
83 - (فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ ) يعني وقت الصباح أخذوا يتصايحون ويصرخون حين تهدّمت ديارهم فوق رُؤوسِهم فتلايمت بيوتهم فوق رؤوسهم وماتوا .
------------------------------------كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |