كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
68 - (أَفَأَمِنتُمْ أَن يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ ) يعني إنّ فِعلكم هذا فعل من يتوهّم أنّهُ إذا صار إلى البرّ أمِنَ من المكاره حتّى أعرضتم عن شكر الله وطاعتهِ إلى عِصيانِ أوامره فهل أمنتم أن يخسف بكم الجهة الّتي تسيرون عليها وتسافرون فيها من الصحراء (أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا ) كما أرسل على أصحاب الفيل الحصى مع الطير فأهلكهم ، فالحاصب هو الحصى ، والشاهد على ذلك قولُ امرئ القيس يصفُ جوادهُ :
فَقَفَّى عَلَى آثارِهِنَّ بِحاصِبٍ وغَبْيَةِ شُؤْبُوبٍ مِنَ الشَّدِّ مُلْهِبِ
يعني يُثير الحصى بحوافره حين يعدو ويُسرع ، (ثُمَّ لاَ تَجِدُواْ لَكُمْ وَكِيلاً ) أي حافظاً يحفظكم منها بل تهلكون كما هلك من كان قبلكم بها .
69 - (أَمْ أَمِنتُمْ أَن يُعِيدَكُمْ فِيهِ ) أي في الفُلك (تَارَةً اُخرى ) بأن يجعل لكم حاجة في السفر فتسافرون بالسُفُن (فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفا مِّنَ الرِّيحِ ) أي ريحاً شديدة تقصف سفينتكم (فَيُغْرِقَكُم بِمَا كَفَرْتُمْ ) أي بسبب كفركم (ثُمَّ لاَ تَجِدُواْ لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ ) أي بالغرق (تَبِيعًا) يعني لا تجدون من يُتابع أجسامكم وينتشلها من البحر ولا نحن نرسل من ينتشلها كما هيّأنا لفرعون من انتشلَ بدنهُ من البحر بل تبقى أجسامكم للحيتان وحيوان البحر يأكلها .
70 - (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ ) أي أكرمناهم بعدّةِ أشياء بأن جعلنا منهم الأنبياء ، وحسّنّا صورهم وجعلناهم بِيضَ البَشَرة (وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ ) على الدوابّ والخيل والإبل (وَالْبَحْر ِ) بالفُلك والسُفُن (وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ ) أنواع (الطَّيِّبَاتِ) نباتيّة وحيوانيّة (وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً ) . لأنّ البشر الموجودين على الكُرة الأرضيّة هم على أربعةِ أجناس ، وكلّ من هذه الأربعة لهُ أبوان خاصّان غير أبينا آدم واُمّنا حوّاء وهم :
(1) الجنس الزنجي – وتمتاز أفرادها بشعرها المجعّد ، وبشرتها السوداء ، وأنفها الكبير المفرطح ، وشفاهها الغليظة ، وأعينها البارزة ، وأسنانها الكبيرة . وأفراد هذا الجنس هم سُكّان أفريقيا الوسطى والجنوبيّة وتسمانيا واُستراليا والفلبين .
(2) الجنس الأصفر المنغولي – ولهؤلاء شعرٌ سبط أسود ، وبشرةٌ صفراء ، ووجهٌ مُدوّر بارز الوجنات ، وأنفٌ صغير ، وأعيُن عميقة ، وأسنان متوسّطة الحجم . وهم سُكّان آسيا الوسطى والشماليّة والتُركستان والإسكيمو والملايو .
(3) الجنس الأحمر – وهم الهنود الحُمر سُكّان أمريكا الأصليين .
(4) الجنس الأبيض القوقاسي – ويتّصف أفرادهُ بشعرٍ ناعم سبِط أو مُتجعّد قليلاً أشقر أو أسود ، وبشرةٍ بيضاء أو سمراء ، ولِحَى كاملة ، ووجنات غير بارزة ، وأنف مُتوسّط الحجم ، وأسنان صغيرة . وهم سُكّان أوربا وشمال أفريقيا وغرب آسيا وجنوبها . فالجنس القوقاسي من نسل آدم ، أمّا الثلاثة المتقدّمة لكلٍّ منهم أبٌ خاصّ بهم ، فإنّ الله تعالى خلقَ هؤلاء الثلاثة قبل أن يخلقَ آدم بآلاف السنين ولذلك صار آدم خليفة لأنّ الله تعالى خلقهُ بعدهم . وقد شرحتُ هذا البحث في كتابي الكون والقرآن .
71 - (يَوْمَ) القيامة (نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ ) أي ندعو ونُحاكم كلّ أمّةٍ بكتابها ، أهل التوراة بتوراتهم ، وأهل الإنجيل بإنجيلهم ، وأهل القرآن بقرآنهم . والشاهد على ذلك قوله تعالى في سورة الجاثية {كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } ، يعني تُدعى إلى كتابها السماوي لتُحاكَم بهِ ، فالكتاب يُسمّى إماماً لأنّ الناس تأتمّ بهِ وبأحكامهِ ، والشاهد على ذلك قوله تعالى في سورة هود {وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إَمَامًا وَرَحْمَةً } . ثمّ تنقسم كلّ اُمّةٍ إلى قسمين فيعطُون قسماً منهم كتاب أعمالهم بيمينهم والقسم الآخر بشمالهم (فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ ) أي كتاب أعماله (بِيَمِينِهِ فَأُوْلَـئِكَ يَقْرَؤُونَ كِتَابَهُمْ ) فرِحِين (وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً ) أي لا يُنقَص من جزاء أعمالهم قدرَ حبّ الفتيل ، ويُسمّى حبّ العُرفُط أيضاً .
72 - ثمّ ذكرَ سُبحانهُ أصحاب الشمال وأحوالهم يوم القيامة بعد أن ذكرَ أصحاب اليمين فقال (وَمَن كَانَ فِي هَـذِهِ ) الدنيا (أَعْمَى) عن طريق الحقّ (فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى ) عن طريق الخروج من جهنّم (وَأَضَلُّ سَبِيلاً ) لأنّ لهب النار ودخانها يُعمي أبصارهم فلا يرَون طريق الخروج . إنّ النفوس لا تَعمَى أبصارها ولكن إذا واجهت الضياء الكثير كالنار أو الشمس فإنّها تكون كالعمياء لا ترى شيئاً ، وقد حدث ذلك معي حين وقعتُ من مكان مرتفع وخرجتْ نفسي من جسمي فكنتُ لا أرى شيئاً إن كان طريقي في ضياء الشمس وإذا عدتُ إلى الظلّ كنت اُبصر الأشياء كما هي وكان بصري يقوى إذا دخلتُ في مكان مظلم . وقد شرحتُ عن هذه الحادثة في كتابي الإنسان بعد الموت [وكذلك في كتابي ساعة قضيتها مع الأرواح .]
73 - جاء وفد ثقيف إلى النبيّ (ع) وقالوا "أجّلنا بضعةَ أشهر حتّى نقبض ما يُهدَى لآلهتنا فإذا قبضنا الهدايا كسّرناها وأسلمنا يعني نترك أصنامنا فلا نحطّمها حتّى نقبض ما يُهدى إلينا في الوقت المقرّر للهدايا ، فإن سألت العرب عن سبب تأجيلها فقل الله أمر بذلك" . فنزلت هذه الآية (وَإِن كَادُواْ ) المشركون (لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ) أي قارَبوا أن يوقعوك في الفتنة ويصرفوك عن الأمر الّذي أوحينا بهِ إليك (لِتفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ ) فتقول الله أمرَ بذلك (وَإِذًا لاَّتَّخَذُوكَ خَلِيلاً ) يعني لو فعلت ما طلبوا منك من التأجيل لاتّخذوكَ صديقاً لهم وحبيباً لأنّك تعطيهم ما أرادوا .
74 - (وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ ) على طريق الحقّ والرُشد (لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلاً ) يعني لقد قاربتَ أن تميل إلى قولهم وتعطيهم مُهلة أقلّ ممّا طلبوا منك .
75 - (إِذاً لَّأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ) يعني لو أعطيتهم ما سألوا لعذّبناك ضعف عذاب الحياة وضعف عذاب الممات (ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا ) يعني ثمّ نرفضك فلا أحد ينصرك ويساعدك .
------------------------------------كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |