كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
7 - (وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ ) إذ هداكم للإسلام فأسلمتم وآمنتم (وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُم بِهِ ) رسولهُ ليلة العقبة وفي بيعة الرضوان وعند مُبايعة الرسول ، إذ كان من أسلم يبايعهُ على السمعِ والطاعة في العُسر واليُسر (إِذْ قُلْتُمْ ) للنبيّ (سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ) فيما أمرتنا بهِ ونهيتنا عنهُ (وَاتَّقُواْ اللّهَ ) في نقض الميثاق ونسيان النعمة (إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ) لا يَخفَى عليه شيء من أسراركم ولا يفوتُه شيء من إعلانكم .
8 - (يَا أَيُّهَا الّذينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ ) الناس (لِلّهِ) يعني كونوا مُعلّمين الناس القيام بدين الله والعمل بطاعتهِ والتمسّك بشريعتهِ (شُهَدَاء بِالْقِسْطِ ) أي بالعدل (وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ ) يعني ولا يحملنّكم على الإجرام (شَنَآنُ قَوْمٍ ) أي بُغضُ قومٍ (عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ ) في الحُكم بين المتخاصمين ، يعني إذا حكمتم بين خصمَين وكان أحدهما يُبغضكم أو تُبغضونهُ فتحكمون لخصمهِ باطلاً وبذلك تحملون إثم الحكم وجريمته (اعْدِلُواْ) بين الخصمَين وإن كان أحدهما عدوّاً لكم أو عدوّاً لصديقكم وقريبكم ، فالعدلُ (هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ) يعني العدل في الحكم أقربُ لتجنّب البغضاء فيما بين الخصمَين (وَاتَّقُواْ اللّهَ ) في أخذ الرشوة في الحكم (إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ) فيجازيكم على أعمالكم .
9 - (وَعَدَ اللّهُ الّذينَ آمَنُواْ ) بالله وبرسولهِ (وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ ) من سيّئاتهم (وَأَجْرٌ عَظِيمٌ ) في الآخرة .
10 - (وَالّذينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا ) أي بالقرآن (أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ) يُعذّبون فيها يوم القيامة .
11 - (يَا أَيُّهَا الّذينَ آمَنُواْ اذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ ) وهم اليهود من بني النضير ، دخلَ عليهم رسول الله مع جماعة من أصحابهِ ، وكان اليهود قد عاهدوهُ على ترك القتال وعلى أن يعينوهُ في الدِيات ، فقال النبيّ (ع) إنّ أحد أصحابي أصابَ رجلين معهما أمان منّي فلزمني دِيَتهما فاُريد أن تعينوني ، فقالوا نعم ، إجلس حتّى نُطعمك ونعطيك الّذي تسألنا . وهمّوا بالفتك بالنبيّ وأصحابه ، فنزل جبرائيل بالوحي وأخبر النبيّ بذلك فخرج من عندهم وخرج أصحابه معه ، وذلك قوله تعالى (أَن يَبْسُطُواْ إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ ) بالسوء (فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ ) بإخبار النبيّ عن سوء نواياهم فنجَوتم من شرّهم ، فأطيعوا رسولكم فيما يأمركم بهِ (وَاتَّقُواْ اللّهَ ) في مخالفة أوامرهِ وجاهدوا بين يديهِ وتوكّلوا على الله (وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ) فينجُوا ويظفروا .
12 - ثمّ بيّنَ سُبحانهُ أحوال اليهود في الماضي وامتناعهم عن القتال حين أمرهم بذلك وجعل عليهم رؤساء وقادة لكلّ سبط من أسباط إسرائيل واحداً لينقادوا لهُ ولا يمتنعوا عن قتال المشركين ، فقال تعالى (وَلَقَدْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَآئِيلَ ) يعني أخذ عليهم العهد والميثاق بأن يُقاتلوا المشركين حين يأمرهم اللهُ بذلك ولا يمتنعوا (وَبَعَثْنَا مِنهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا ) أي رئيساً على عدد أسباط إسرائيل ، فالنقيب هو العريف وشاهد القوم وضمينهم ، وجمعهُ نُقباء (وَقَالَ اللّهُ ) لبني إسرائيل على لسان موسى (إِنِّي مَعَكُمْ ) بالنُصرةِ لكم على أعدائكم (لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاَةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنتُم بِرُسُلِي ) السابقين والحاضرين موسى وهارون (وَعَزَّرْتُمُوهُمْ) أي ساعدتموهم بالقول والعمل (وَأَقْرَضْتُمُ اللّهَ قَرْضًا حَسَنًا ) مِمّا تُنفقونهُ في سبيل الله للفقراء والمحتاجين والأيتام والمساكين ، إن فعلتم ذلك كلّهُ (لَّأُكَفِّرَنَّ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ ) الماضية (وَلأُدْخِلَنَّكُمْ) يوم القيامة (جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ فَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ ) الميثاق (مِنكُمْ) أيّها اليهود (فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ ) أي فقد أضاع طريق الحقّ . فإن شئتَ معرفة أسماء هؤلاء النقباء تجدها في مجموعة التوراة في سِفر العدد في الإصحاح الأوّل منهُ والثاني .
13 - ثمّ بيَّنَ سُبحانهُ بأنّهم نقضوا المواثيق وخانوا العهود وعبدوا الأصنام وعصَوا أمر الله ، فقال تعالى (فَبِمَا نَقْضِهِم ) أي فبتكرار نقضهم (مِّيثَاقَهُمْ146 لَعنَّاهُمْ ) أي أبعدناهم من رحمتنا وطردناهم من بيت المقدس وشتّتناهم في الأرض (وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً ) لأنّ أكل مال الحرام يُقسّي القلوب (يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ ) أي يحرّفون الكلام عن معانيهِ فيقولون السّامُ عليكم ، بدل السّلام عليكم ، والسّام هو الثعبان ، وهكذا يحرّفون الكلام مع من يبغضونه (وَنَسُواْ حَظًّا ) أي قسطاً (مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ ) أي مِمّا وُعِظوا بهِ في التوراة ومِمّا وعظَتْهم بهِ أنبياؤهم وذكّرتهم بهِ أسلافهم فنسوها لطول الأمد (وَلاَ تَزَالُ ) يا محمّد (تَطَّلِعُ عَلَىَ خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ ) أي على جماعة خائنة من اليهود (إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ ) لم يخونوا الميثاق (فَاعْفُ عَنْهُمْ ) زلّتهم (وَاصْفَحْ) عنهم هذه المرّة (إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) إلى الناس .
14 - (وَمِنَ الّذينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَى147 أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ ) أيضاً ، وذلك على لسان عيسى والحواريّين من بعدهِ ، والميثاق هو أن يعبدوا الله وحده ولا يُشركوا بهِ شيئاً (فَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ ) وعبدوا المسيح واُمّه وتركوا الله خالقهم (فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء ) فصاروا فِرَقاً كثيرة وصارت فِرقة تعادي فِرقة (إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ) وذلك بسبب كفرهم وإشراكهم ، والإغراء هو تحريض الإنسان على عداوة إنسان آخر وتبغيضهِ ، ومن ذلك قول الأعشى :
تُغْرِي بِنَا رَهْطَ مَسْعُودٍ وَإخْوَتِهِ عِندَ اللّقاءِ فتُرْدِي ثمّ تَعتَزِلُ
فقول الشاعر "تُغري بنا" يعني تحرّض رهط مسعود وأخوتهِ وترغّبهم على قتالنا (وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللّهُ ) يوم القيامة (بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ ) من تماثيل لمريم وصِلبان للمسيح فيعبدونها ويقدّسونها .
كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |