كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل

بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى)

توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت)

الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة

فهرس الآيات , البحث في القرآن الكريم

تفسير سورة المؤمنون من الآية( 72) من كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل   بقلم محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) : 

72 - (أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجًا ) أي أجراً على تبليغ الرسالة فيثقل عليهم ولذلك لا يؤمنون (فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ ) لك من خراجهم (وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ) فيُعطيك من فضلهِ ولا تحتاج إلى أموالهم .

73 - (وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ) يعني إلى طريق الحقّ فلماذا يمتنعون عن إجابتك واتّباع دِينك ؟

74 - (وَإِنَّ) المشركين (الّذينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ ) أي عن طريق الحقّ مائلون يعني هم على جانب من الحقّ ، فالمنكب هو جانب الشيء ، ومن ذلك قوله تعالى في سورة الملك {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ } أي إمشوا في جوانبها . وفي تعاليم الجيش يُقال "نَكِّب سلاح" أي ضع سلاحك على منكبكَ .

75 - (وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِم مِّن ضُرٍّ ) الّذي أصابهم وهو الجدب والمرض والذئاب الّتي أخذت تلاحقهم وتأكل أنعامهم (لَّلَجُّوا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ) أي لتمادَوا في ضلالهم يتردّدون ، ومن ذلك قول عنترة :

                                         ألا يا عَبْلُ قَدْ زادَ التَّصابِي      وَلَجَّ اليومَ قَوْمُكِ في عَذابِ

أي زادوا في عذابي .

76 - (وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ ) أي بالجدب والمرض والضيق (فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ ) أي فما تواضعوا ولا انقادوا (وَمَا يَتَضَرَّعُونَ ) إليهِ بالدعاء ليكشف عنهم العذاب .

77 - (حَتَّى إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَابًا ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ ) أي عذاباً آخر أشدّ من الأوّل (إِذَا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ ) أي مُفلِسون يائسون من رحمة الله .

78 - (وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ ) أي قليل منكم يشكرون فالسمع اُذن النفس ، والبصر عينها والفؤاد قلبها ، والمعنى: الله الّذي جعل لنفوسكم آذاناً لتسمعوا وعيوناً لتبصروا وقلوباً لتفقهوا كما جعل هذه الأعضاء لأجسامكم ، لأنّ حواسّ الجسم ما هي إلا قوالب تكوّنت فيها حواسّ النفس .

79 - (وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ ) أي نشرَكم وفرّقكم ، والشاهد على ذلك قول اُميّة بن أبي الصلت:
 
                                           وأذْرَتْها حَوافِلُ مُعْصِفاتٌ      كما تُذْرِي الْمُلَمْلِمَةُ الطَّحِيْنَا

وقال عنترة :
                                  وَهيَ تَذْرِي مِنْ خِيفَةِ البُعْدِ دَمْعاً      مُستَهِلاً بِلَوْعَةٍ وَسُهادِ

وقال الأخطل :
                                     فأَرْسَلُوهُنَّ يُذْرِينَ التُّرابَ كما      يُذْرِي سَبائِخَ قُطْنٍ نَدْفُ أوْتارِ

(وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ) بعد موتكم ، يعني إلى العالم الأثيري تصيرون وفيهِ تُجمَعون فيُحاسبكم على أعمالكم ويعاقبكم على أفعالكم ، وهذه العِبارة من حُسن البلاغة إذ جاء في أوّلها النشر والتفريق وفي آخرها الجمع والتحقيق .

80 - (وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلَافُ اللّيل وَالنَّهَارِ ) أي ولهُ يجب الذِكر والشُكر في اختلاف اللّيل والنهار . والشاهد على ذلك قوله تعالى في سورة الفرقان {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللّيل وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا } ، (أَفَلَا تَعْقِلُونَ ) يعني أفلا تفكّرون في تكوين الأرض وحدوث اللّيل والنهار بسبب دورتها حول محورها فهل كان ذلك من الصدفة أم لها خالقٌ خلقَها وحكيمٌ أتقنَ صنعتها ، فتعبدوهُ وتشكروه على هذه النِعم ؟

81 - (بَلْ قَالُوا مِثْلَ مَا قَالَ الْأَوَّلُونَ ) في إنكار البعث والحساب .

82 - (قَالُوا أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ ) من قبورنا أحياء ؟ كلّا هذا غير ممكن .

83 - (لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا هَذَا ) الوعد بالبعث (مِن قَبْلُ ) مجيء محمّد فما صَدَقوا ولم يُبعث آباؤنا من قبورهم (إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ ) أي أكاذيبهم الّتي سطروها في الكتب .

84 - (قُل) يا محمّد (لِّمَنِ الْأَرْضُ وَمَن فِيهَا إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ) الحقيقة ؟

85 - (سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ) أي أفلا تتّعِظون وتفكّرون بأنّ القادر على الخلق ابتداءً أليس قادراً على الإعادة ثانيةً ؟

86 - (قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ ) الأثيريّة (السَّبْعِ) الّتي تسكنها الملائكة ، يعني مَنْ مالِكها (وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ) الّذي فوق السماوات السبع ؟

87 - (سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ ) عقابه على جحود توحيدهِ والإشراك في عبادتهِ وإنكاركم للبعث ؟

88 - (قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ ) أي مُلك (كُلِّ شَيْءٍ ) في الكون (وَهُوَ يُجِيرُ ) من استجارَ بهِ (وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ ) يعني إذا استجارَ أحدٌ من خلقهِ عند أحدِ أنبيائهِ فلا يتمكّن ذلك النبيّ أن يُخلّصهُ من عذاب الله بقوّتهِ ولا بشفاعتهِ لأنّ إرادة الله فوق إرادة الأنبياء (إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ) الحقيقة وتسيرون عليها ؟

89 - (سَيَقُولُونَ لِلَّهِ ) الإرادة (قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ ) أي فكيف تنسبون القرآن للسِحر؟ وذلك قولهم [كما في سورة المدثّر]: {إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ}.

90 - (بَلْ أَتَيْنَاهُم بِالْحَقِّ ) يعني بل جاءهم محمّد من عندنا بالقول الحقّ لم يكذب عليهم (وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ) في ادّعائهم بأنّ الملائكة بنات الله .

91 - (مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ ) كما تزعم العرب بأنّ الملائكة بنات الله (وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ ) كما تزعم النصارَى بأنّه ثالث ثلاثةٍ ، فلو كان كما يزعمون (إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ ) أي لميّز كلّ إلاهٍ خلقهُ عن خلقِ غيرهِ ومنعهُ عن الاستيلاء عليهِ ووقع بينهما التحارب والتغالب كما هو حال ملوك الأرض (وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ ) في القُدرة والحكمة فتكون الغلبة للأقدر والأعلم (سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ ) أي تنزيهاً لهُ عن اتّخاذ الولد والشريك فهو واحد لا ولد لهُ ولا شريك في الخلق .

------------------------------------
<<الصفحة السابقة الصفحة الرئيسة الصفحة التالية>>



كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم