كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل

بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى)

توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت)

الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة

فهرس الآيات , البحث في القرآن الكريم

تفسير سورة المائدة من الآية( 79) من كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل   بقلم محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) : 

79 - (كَانُواْ) بنو إسرائيل (لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ ) أي لا ينهَى بعضهم بعضاً عن المنكر (لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ ) أي بئس الفعل فعلهم .

80 - (تَرَى كَثِيرًا مِّنْهُمْ ) أي من اليهود (يَتَوَلَّوْنَ الّذينَ كَفَرُواْ ) يعني يوالون مُشركي العرب ويعادون المسلمين الموحِّدين (لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ ) بأن قدّموا المشركين من قُريش على الموحِّدين (أَن سَخِطَ اللّهُ عَلَيْهِمْ ) يعني الّذينَ سخط الله عليهم في الدنيا بسبب كفرهم وإشراكهم (وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ ) يوم القيامة .

81 - (وَلَوْ كَانُوا ) أي المشركون من أهل مكة (يُؤْمِنُونَ بِالله ) كما آمن المسلمون (والنَّبِيِّ) محمّد (وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ ) من القرآن (مَا اتَّخَذُوهُمْ ) اليهود (أَوْلِيَاءَ) بل لعادَوهم كما عادَوا المسلمين (وَلَـكِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُمْ ) أي من اليهود (فَاسِقُونَ) بطبعهم لا يميلون للحقّ بل يحيدون عنه .

82 - (لَتَجِدَنَّ) يا محمّد (أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ ) بك (الْيَهُودَ وَالّذينَ أَشْرَكُواْ ) من العرب أيضاً شديدي العداوة للمسلمين (وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الّذينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ ) التحابُب (بِأَنَّ) أي بسبب أنّ (مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ ) وهم علماء النصارى (وَرُهْبَانًا) وهم زُهّاد النصارى (وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ ) .

83 - ونزلت في النجاشي وأصحابهِ الّذينَ أسلَموا هذهِ الآية (وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ ) محمّد من القرآن (تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا ) بآياتك وبرسولك محمّد (فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ ) بالحقّ المعترفين به .

84 - (وَمَا لَنَا لاَ نُؤْمِنُ بِاللّهِ ) وحده ونترك عقيدة التثليث وقد ظهرت الحقيقة (وَمَا جَاءنَا مِنَ الْحَقِّ ) في القرآن (وَنَطْمَعُ أَن يُدْخِلَنَا رَبُّنَا ) في الجنّة (مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ ) في الآخرة .

85 - (فَأَثَابَهُمُ اللّهُ ) أي جازاهم (بِمَا قَالُواْ ) من اعتراف بالتوحيد لله دون التثليث وتصديقهم لرسولهِ محمّد (جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ) أي مُخلّدين فيها (وَذَلِكَ) الخلود (جَزَاء الْمُحْسِنِينَ ) في الآخرة .

86 - (وَالّذينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا ) الّتي أنزلناها على محمّد في القرآن (أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ) .

87 - خطب النبيّ يوماً فذمّ الدنيا وما فيها ورغّبَ في الآخرة ونعيمها ، فعزمَ جماعة من المسلمين أن يصوموا النهار ويقوموا اللّيل بالعبادة ولا يأكلوا من الطيّبات ولا يقربوا النساء ، فنزلت فيهم هذه الآية (يَا أَيُّهَا الّذينَ آمَنُواْ لاَ تُحَرِّمُواْ ) على أنفسكم (طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللّهُ لَكُمْ ) من المأكل والملبس والنساء (وَلاَ تَعْتَدُواْ ) على الدِين بتغيير أحكامهِ فتقلّدكم الناس بأعمالكم هذهِ (إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ) .

88 - (وَكُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللّهُ ) من الطيّبات (حَلاَلاً) لكم (طَيِّبًا وَاتَّقُواْ اللّهَ ) في تغيير أحكامه (الَّذِيَ أَنتُم بِهِ مُؤْمِنُونَ ) .

89 - (لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ ) اللّغو في اليمين هو أن يحلف الإنسان سهواً أو ناسياً أو سبقَ لسان ، مثَلاً إذا سألك أحد "هل رأيت فلان ؟" فتقول "لا والله ما رأيتُهُ " ، ثمّ تذكر أنّك رأيتهُ قبل ساعة أو أكثر منها ، فهذا هو النسيان فيجب عليك أن تستغفر ربّك لِما حلفتَ ناسياً ، وكذلك إذا حلفتَ سهواً أو سَبْقَ لسان فيجب عليك أن تستغفر ربّك (وَلَـكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ ) أي بتعقيدكم الأيمان ، وهو توثيقها وتوكيدها ، ومن ذلك قول حسّان بن ثابت الأنصاري :

                                 وَكَمْ قَدْ عَقَدُوا للهِ ثُمَّ وَفَوْا بِهِ      بِمَا ضَاقَ عَنْهُ كُلُّ بَادٍ وَحَاضِرِ

ومِمّا يؤيّد هذا قوله تعالى في سورة النحل {وَلاَ تَنقُضُواْ الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً } . فاليمين الموثّقة أن تُعاهد على شيء وتحلف عليهِ ، واليمين المؤكّدة أن تقول والله وبالله وتالله (فَكَفَّارَتُهُ) أي كفّارة اليمين الموثّقة أو المؤكّدة إذا حلفتَ بها ثمّ حنثتَ عنها فعليك كفّارة (إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ ) لمن كان مُتوسّط الحال (مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ ) مؤمنة ، وهذا الحكم لمن كان غنيّاً (فَمَن لَّمْ يَجِدْ ) في بيته شيئاً من المال أو الطعام ليُطعم عشرة مساكين (فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ) يصومها (ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ ) ثمّ حنَثتُم (وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ ) ولا تحنثوا إلاّ لضرورة مع أداء الكفّارة (كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) نِعمهُ .

90 - (يَا أَيُّهَا الّذينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ ) "الخمر" يُطلق على كلّ شراب مُسكّر ، و"الميسر" هو القمار بأنواعه (وَالأَنصَابُ) هي أحجار كبيرة كان المشركون يذبحون عليها الأنعام قرباناً للأصنام ، وتقديرهُ لا تأكلوا من الأنعام الّتي تُذبح للأصنام فهيَ رجسٌ (وَالأَزْلاَمُ) هي أقداح كانوا يستقسمون بها الجزور ، وهي لعبة كالقمار ، كلّ ذلك (رِجْسٌ) أي مرض نفسي (مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ ) سنّها لكم ليصدّكم عن ذكر الله وليوقع العداوة فيما بينكم بسببها (فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) بتجنّبها ولا تخسرون . فالرجس هو المرض ، والشاهد على ذلك قوله تعالى في سورة التوبة {وَأَمَّا الّذينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ } ، يعني فزادهم مرضاً إلى مرضهم ، والدليل على ذلك قوله تعالى في سورة البقرة {فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً } .

------------------------------------
<<الصفحة السابقة الصفحة الرئيسة الصفحة التالية>>



كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم