كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل

بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى)

توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت)

الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة

فهرس الآيات , البحث في القرآن الكريم

تفسير سورة آل عمران من الآية( 8) من كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل   بقلم محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) : 

8 - ويقول الراسخون في العلم (رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا ) . لَمّا سمعَ هؤلاء قول الله تعالى في سورة إبراهيم {وَيُضِلُّ اللهُ الظّالِمينَ ويَفعلُ اللهُ ما يَشاء } سألوا من الله أن لا يُضلّهم عن الإيمان إذا ظلموا أحداً سهواً غير متعمِدين ، والزيغ هو الميل عن طريق الحقّ إلى الباطل (وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً ) أي من عندك رحمة تقع في قلوبنا كي نرحمَ الفقراء والمساكين ونبقى على الهدى ولا تُزِيغَ قلوبنا بسبب ظُلمنا (إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ ) تهب رحمتك لمن تشاء .

9 - (رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ ) في عالم البرزخ (لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ ) أي لا شكّ في وقوعهِ وهو يوم القيامة (إِنَّ اللّهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ ) أي لا يُخلِف الوعد لمن وعد .

10 - (إِنَّ الّذينَ كَفَرُواْ ) بآيات الله ورُسُله (لَن تُغْنِيَ ) أي لن تدفعَ ، ومن ذلك قول حسّان:

                           واُخرى ببدرٍ حارَ فيها رجاؤُهُمْ      فلمْ تُغْنِ عنها نبلُها وسيوفُها

(عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُم مِّنَ ) عذاب (اللّهِ شَيْئًا وَأُولَـئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ ) أي هم حطب جهنّم

11 - (كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ ) تقديرهُ دأبهم في تكذيب الرُسُل كدأب آل فرعون ، أي كعاداتهم (وَالّذينَ مِن قَبْلِهِمْ ) كعاد وثمود وغيرهم (كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا ) أي كذّبوا بالبراهين والمعجزات التي جاءت بها رُسُلُنا (فَأَخَذَهُمُ اللّهُ ) بالعذاب ، مُشتقّة من المؤاخذة يعني أهلكهم (بِذُنُوبِهِمْ) يعني بسبب ذنوبهم (وَاللّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) لمن يكفر بآياته ويكذّب بها .

12 - (قُل) يا محمّد (لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ سَتُغْلَبُونَ ) في المستقبل ويكون النصر لنا عليكم (وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ ) بعد موتكم (وَبِئْسَ الْمِهَادُ ) الذي مهّدتموه لأنفسكم بكفركم وتكذيبكم . نزلت هذه الآيات في وقعة بدر ، وكان المسلمون ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً ، وكان المشركون تحت الألف ، فانتصر المسلمون على المشركين .

13 - (قَدْ كَانَ لَكُمْ ) يا أهل مكّة (آيَةٌ) أي دلالة ظاهرة على صدق محمّد (فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا ) أي فرقتين اجتمعتا ببدر من المسلمين والكافرين (فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللّهِ ) وهم المسلمون وكان عددهم 313 (وَاُخرى كَافِرَةٌ ) وهم المشركون وكان عددهم 1025 (يَرَوْنَهُم مِّثْلَيْهِمْ ) يعنى أنّ المشركين يرون المسلمين مثلَيهم في العدد (رَأْيَ الْعَيْنِ ) أي في ظاهر العين ، فإنّ الله تعالى كثّر المسلمين في أعين الكافرين ليرهبوهم ويخافوهم (وَاللّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَاء إِنَّ فِي ذَلِكَ ) أي في ظهور المسلمين مع قلّتهم على المشركين مع كثرتهم (لَعِبْرَةً لَّأُوْلِي الأَبْصَارِ ) فاعتبروا يا أهل مكّة بِهذه الحادثة وأسلِموا .

14 - (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء ) لكي يتناسلوا (وَالْبَنِينَ) لكي يربّوهم فيعيشوا (وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ ) يعني الكثرة (مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ ) لكي يشتغلوا فيخدم بعضهم بعضاً بسبب تحصيلها ، و"القنطار" أربعة وأربعون كيلوغراماً (وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ ) يعني التي عليها أوسمة من الفضّة ، ومن ذلك قول عنترة :

                                 إلى خَيلٍ مُسوّمَةٍ عليها      حُماةُ الرَّوْعِ في رَهجِ القتامِ

(وَالأَنْعَامِ) لكي يرعوها ويستفيدوا منها (وَالْحَرْثِ) أي الزرع ، لكي يزرعوا ويأكلوا (ذَلِكَ ) كلّه (مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) يستمتعون بهِ في شهواتهم ومأكلهم ومشربهم وملبسهم وسفرهم (وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ ) أي حُسن المرجع لمن يؤمن باللهِ وبرُسُلهِ ويُنفق من متاع الدنيا للفقراء والمحتاجين في سبيل الله يجدْ خيراً مِمّا أنفقَ في الآخرة .

15 - ثمّ زهّد سُبحانهُ في الدنيا ورغّبَ في الآخِرة فقال (قُلْ) يا محمّد لاُمّتك (أَؤُنَبِّئُكُم) يعني هل أنبّئكم (بِخَيْرٍ مِّن ذَلِكُمْ ) الذي ذكرناه من متاع الدنيا (لِلَّذِينَ اتَّقَوْا ) المعاصي ، أي تجنّبوها وعملوا الصالحات ، لهم (عِندَ رَبِّهِمْ ) في السماء (جَنَّاتٌ) أثيريّة (تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ) أي مقيمين فيها (وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ ) من الحيض والنفاس والتغوّط وغير ذلك ، لأنّها نفوس أثيريّة روحانيّة فلذلك لا تحمل ولا تلد ولا تتناسل (وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ ) عليهم أعظم من نعيم الجنّة (وَاللّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ) أي خبيرٌ بأفعالهم وأحوالهم .

16 - ثمّ وصف المتّقين فقال تعالى (الّذينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا ) برسولك وكتابك (فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا ) الماضية (وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ) أي جنّبْنا عذاب النار .

17 - (الصَّابِرِينَ) في البأساء والضرّاء (وَالصَّادِقِينَ) في قولهم وعهودهم (وَالْقَانِتِينَ) أي المنقطعين إلى الله بالطاعة (وَالْمُنفِقِينَ) من أموالهم في سبيل الله (وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ ) أي العابدين وقت السّحَر ، يعني قبل الفجر ، والعبادة تشمل الصلاة والدعاء والتسبيح والاستغفار وقراءة القرآن .

18 - (شَهِدَ اللّهُ ) عَلِمَ عِلْمَ شاهد (أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ ) أي لا خالق للكون إلا هو وحده ولا يستحقّ العبادة غيرهُ (وَالْمَلاَئِكَةُ) علموا وشهدوا بذلك (وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ 130) أيضاً علِموا وشهِدوا بأن لا خالق للكون إلا الله وحدهُ ، وذلك بما ثبتَ عندهم من الأدلّة العقليّة والبراهين العِلميّة ، وشهِدوا بأنّهُ (قَآئِمَاً) في أحكامه (بِالْقِسْطِ) أي بالعدل لا يَظلِمُ أحداً (لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ ) في مُلكه (الْحَكِيمُ) في خلقِه .

------------------------------------

130 :وأولو العِلم هم الأنبياء والرُسُل ومن تبعهم على شريعتهم .

الصفحة الرئيسة الصفحة التالية>>



كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم