كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
81 - (قَالُواْ) أي الملائكة (يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ ) اُرسِلنا لهلاكهم (لَن يَصِلُواْ إِلَيْكَ ) بسوء ، ورفع أحد الملائكة قبضة من التراب فضربَ بهِ وجوه القوم فدخل التراب أعينهم فعمُوا ورجعوا إلى أهلهم وهم يقولون إنّ في بيت لوط سَحَرَة عمَوا أعيُنَنا .
(فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ ) يعني اُخرج من بينهم أنت وأهلك (بِقِطْعٍ مِّنَ اللّيل ) أي فاقطع مسافة بعيدة عنهم بما استطعتَ بوقتٍ من اللّيل (وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ ) إلى مالهِ ولا إلى متاعهِ ، أي لا يرجع أحد منكم لشيء نسيهُ أو لحاجةٍ تركها (إِلاَّ امْرَأَتَكَ ) الخائنة فإنّها ستلتفت وترجع لشيء نسِيَتْهُ (إِنَّهُ) أي الزلزال (مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ ) أي موعد هلاكهم (أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ ) .
فخرج لوط وامرأته وابنتاهُ وقت السحَر ، وذلك قوله تعالى في سورة القمر { إِلَّا آلَ لُوطٍ نَّجَّيْنَاهُم بِسَحَرٍ } . وفي منتصَف الطريق رجعت امرأته لتأتي بشيء من الأثاث نَسِيَتْهُ في القرية ، فأصبح الصبحُ وهي في القرية فأخذهم الزلزال وماتت معهم ، ثمّ أمطرت على الباقين منهم حجارة من السماء ، فدمّر الزلزال في تلك البقعة من الأرض أربع قرى وهي سدوم الّتي كان لوط يسكنها ، وعمّورة ، وصبوييم واُدمة .
82 - (فَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا ) بالعذاب (جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا ) إهتزّت الأرض بهم فتلايَمت بيوتهم فوقهم ثمّ خُسِفَت الأرض بهم فصار مكانها بُحيرة تسمّى اليوم بالبحر الميّت (وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا ) يعني على أهل تلك القُرى الأربع (حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُودٍ ) أي أحجار رسوبيّة ذات طبقات مُتراكمة بعضها فوق بعض وهي الحصَى ، والدليل على ذلك قوله تعالى (مَّنضُودٍ) أي من طين وموادّ رسوبيّة تراكمت فصارت أحجاراً ، ومِمّا يؤيّد أنّها أحجار الحصَى قوله تعالى في سورة العنكبوت {فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا } يعني حصَى ، وقوله في سورة الذاريات {لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن طِينٍ } ، فالسجلّ هو الدلو الكبير المستعمل لسقي البستان والمزرعة ، والسجّيل هيّ الرواسب الّتي تبقى في أسفل السجلّ أي الدلو بعد إتمام السقي .
83 - (مُّسَوَّمَةً) أي فيها أوسمة وعلائم تدلّ على أنّها أحجار رسوبيّة ، والعلامة الّتي فيها هي الخطوط الملوّنة الّتي بين طبقاتها ، وقوله (عِندَ رَبِّكَ ) أي في علم ربّك ، يعني عالم بأماكنها ومواقعها (وَمَا هِيَ ) يعني الحجارة (مِنَ الظَّالِمِينَ ) الّذينَ أرادوا هدم الكعبة وهم أصحاب الفيل (بِبَعِيدٍ) أي بزمن بعيد ، يعني وما وقعة أصحاب الفيل عنكم يا أهل مكّة بزمن بعيد فاذكروها وفكّروا واتّعِظوا وتوبوا إلى ربّكم لئلاّ يقع عليكم ما وقعَ على من قبلكم من العذاب .
84 - ثمّ ذكرَ سُبحانهُ حادثة اُخرى فقال (وَإِلَى مَدْيَنَ ) أرسلنا (أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ ) وحدهُ ولا تشركوا بهِ شيئاً (مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ وَلاَ تَنقُصُواْ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّيَ أَرَاكُم بِخَيْرٍ ) أي برخص الأسعار وخصب الأرض فلا حاجة بكم إلى نقصان الكيل والوزن (وَإِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُّحِيطٍ ) إن لم تتوبوا وتتركوا هذهِ العادات . وقد سبق تفسير مثل هذه الآية في سورة الأعراف في آية 85 .
85 - (وَيَا قَوْمِ أَوْفُواْ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ ) أي بالعدل (وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ ) أي لا تنقصوا الناس أموالهم فتسرقوها بالكيل والوزن (وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ ) يعني لا تُفسدوا فينتشر فسادكم في الأرض بسبب انتقالكم في السفَر والحضَر .
86 - (بَقِيَّةُ اللّهِ خَيْرٌ لَّكُمْ ) أي ما أبقى الله لكم من الحلال بعد إتمام الكيل والوزن خيرٌ لكم من البخس والتطفيف لأنّ مال الحرام يُذهب البركة ويُزيل النعمة وتُعاقَبون عليهِ ، فاتركوا هذه العادة (إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ) بقولي (وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ ) إن جاءكم العذاب ، يعني لا يُمكنني أن أحفظكم منهُ واُخلّصكم إذا نزلَ بكم العذاب .
87 - (قَالُواْ يَا شُعَيْبُ أَصَلاَتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا ) وهذا القول استهزاءً منهم بصلاتهِ (أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاء ) فتنهانا أن نقرّب القرابين لآلهتنا (إِنَّكَ لَأَنتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ ) يعني أنتَ معروف بالحِلم والرُشد من قديم فكيف يصدر منك هذا القول ؟
88 - (قَالَ) شُعيب ( يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ ) أي أبدوا لي رأيكم ماذا يكون مصيركم (إِن كُنتُ عَلَىَ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي ) يعني على بيان دائم ووحيٍ مُتّصل من ربّي وكذّبتموني فماذا يكون مصيركم بعد التكذيب ؟ (وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا ) يعني ألا ترَون كيف رزقني الله رزقاً واسعاً حسناً لأنّي لم اُنقص المكيال ولا الميزان فاقتدوا بي كي يزيد الله في رزقكم ويُكثّر خيراتكم (وَمَا أُرِيدُ ) بقولي هذا (أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ ) يعني لا اُريد أن أجعل خِلافاً بينكم فتكونون حِزبين مُختلفين بسبب ما أنهاكم عنه من عبادة الأصنام وتقديم القرابين لها وتطفيف الكيل (إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ ) لكم (مَا اسْتَطَعْتُ ) على ذلك (وَمَا تَوْفِيقِي ) لإصلاحكم (إِلاَّ بِاللّهِ ) فهو الموفّق والميسّر المسبّب لكلّ خيرٍ وصلاح (عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ ) في وعظكم وإرشادكم (وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ) يعني وإليهِ أرجع في استشاراتي .
89 - (وَيَا قَوْمِ لاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي ) "الشِقاق" هو المخالفة والمعاداة ، والمعنى : لا تُخالفوني فيما آمركم بهِ ولا تعادوني فيما أنهاكم عنه فإنّ ذلك يحملكم على الإجرام ويوقعكم في المهالك (أَن يُصِيبَكُم ) يعني لئلاّ يُصيبكم (مِّثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ ) من الهلاك بالغرق (أَوْ قَوْمَ هُودٍ ) بالريح العقيم (أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ ) بالزلزال (وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِّنكُم بِبَعِيدٍ ) أي بزمنٍ بعيد بل بمدّةٍ قريبة .
------------------------------------كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |