كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل

بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى)

توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت)

الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة

فهرس الآيات , البحث في القرآن الكريم

تفسير سورة التوبة من الآية( 81) من كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل   بقلم محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) : 

81 - ثمَّ أخذَ سُبحانهُ في ذمّ المنافقين الّذينَ تخلّفوا عن الجهاد مع النبيّ في غزوة تبوك ورضُوا بالقعود فقال (فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ ) يعني المتخلّفون عن الجهاد (بِمَقْعَدِهِمْ) أي بقعودهم في المدينةِ (خِلاَفَ رَسُولِ اللّهِ ) أي بعد ذهاب رسول الله إلى تبوك (وَكَرِهُواْ أَن يُجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَقَالُواْ ) أي قال بعضهم لبعضٍ (لاَ تَنفِرُواْ ) أي لا تخرجوا (فِي الْحَرِّ ) أي في الصيف (قُلْ) لهم يا محمّد (نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ ) يعني إنْ كان تخلّفهم عن الجهاد بسبب الحرّ فماذا يكون مصيرهم لَمّا يدخلون جهنّم وكيف يكون حالهم حينئذٍ ؟

82 - (فَلْيَضْحَكُواْ قَلِيلاً وَلْيَبْكُواْ كَثِيرًا جَزَاء بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ ) الضحك هنا كناية عن الفرح ، والبكاء كناية عن الحزن ، واللّام من قوله فليضحكوا لام العاقبة ، والمعنى : سنجعل حياتهم في الدنيا قليلة الأفراح وكثيرة الأحزان وبذلك يقلُّ ضَحكهم ويكثر بُكاؤهم وذلك جزاءً بما كانوا يكسبون من آثام .

83 - ثمَّ خاطب اللهُ رسولهُ فقال تعالى (فَإِن رَّجَعَكَ اللّهُ ) من غزوتك (إِلَى) المدينةِ إلى (طَآئِفَةٍ مِّنْهُمْ ) أي من المنافقين الّذينَ تخلّفوا عن النبيّ (فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ ) معك إلى غزوةٍ اُخرى (فَقُل لَّن تَخْرُجُواْ مَعِيَ أَبَدًا ) إلى غزوةٍ (وَلَن تُقَاتِلُواْ مَعِيَ عَدُوًّا إِنَّكُمْ رَضِيتُم بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ ) أي عن غزوة تبوك (فَاقْعُدُواْ) الآن (مَعَ الْخَالِفِينَ ) أي مع الأطفال والصبيان ، فالخلَف هم أبناء السلَف .

84 - (وَلاَ تُصَلِّ ) يا محمّد (عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم ) أي من المنافقين (مَّاتَ أَبَدًا ) يعني إذا مات (وَلاَ تَقُمْ عَلَىَ قَبْرِهِ ) لقراءة الفاتحة والدعاء له (إِنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُواْ وَهُمْ فَاسِقُونَ ) لم يتوبوا ولم يُغيّروا عاداتهم السيئة يعني بعضهم مات وبعضهم باقٍ لم يمت .

85 - (وَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلاَدُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ أَن يُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ ) سبق تفسيرها في آية (55) من هذه السورة .

86 - (وَإِذَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ ) في شأن الجهاد وذُكِرَ فيها (أَنْ آمِنُواْ بِاللّهِ ) أي صدّقوا بالثواب الّذي أعدّهُ اللهُ للمجاهدين (وَجَاهِدُواْ مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ ) في القعود عن الجهاد (أُوْلُواْ الطَّوْلِ مِنْهُمْ ) أي الأغنياء منهم (وَقَالُواْ ذَرْنَا ) أي اتركنا (نَكُن مَّعَ الْقَاعِدِينَ ) في المدينة ولا نريد الخروج معك .

87 - (رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ مَعَ الْخَوَالِفِ ) أي مع الأطفال والصبيان لأنَّ الرجال كلهم ذهبوا للجهاد (وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ ) بالرّين ، يعني البُخل وحُبّ المال طَبعَ على قلوبهم بالرّين فلم يَدَعْهم ليخرجوا للجهاد (فَهُمْ لاَ يَفْقَهُونَ ) أي لا يعلمون ما للمجاهد عند الله من الثواب والنعيم في الجنان .

88 - (لَـكِنِ الرَّسُولُ وَالّذينَ آمَنُواْ مَعَهُ جَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ ) في سبيل الله أولائك لهم أجرهم عند الله (وَأُوْلَـئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ ) في الدنيا والآخرة (وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) أي الظافرون بالوصول إلى البُغية .

89 - (أَعَدَّ اللّهُ لَهُمْ ) في الآخرة (جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) .

90 - ثمَّ أخبرَ الله تعالى عن المتخلّفين عن القتال بأنّهم كانوا صنفَين : صنف مُنافقون كاذبون على الله وعلى رسوله بادّعائهم الإيمان قعدوا عن الجهاد بغير استئذان ، وصنف ضعفاء ومرضى وشيوخ لا يستطيعون القتال جاؤوا إلى النبيّ يعتذرون فأذن لهم في القعود ، وذلك قوله تعالى (وَجَاء الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الأَعْرَابِ ) أي المعتذِرون ، فأسقِطت التاء للإدغام ، يعني الّذينَ لهم عُذرٌ شرعي والّذينَ يتعذّر عليهم الخروج للقتال (لِيُؤْذَنَ لَهُمْ ) في القعود فأذِنَ لهم النبيّ في ذلك (وَقَعَدَ الّذينَ كَذَبُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ ) بدون إذنٍ من النبيّ (سَيُصِيبُ الّذينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ ) أي من المتخلّفين (عَذَابٌ أَلِيمٌ ) في الآخرة .

91 - ولَمّا أراد النبيّ الخروج إلى غزوة تبوك جاءهُ نفرٌ من الأنصار ضُعفاء لا يستطيعون الذهابَ معهُ ، ونفرٌ مرضى يستأذنونهُ في القعود عن الجهاد فأذِنَ لهم ، وجاءهُ نفرٌ من الأنصار فقراء ليس لهم دواب يركبونها في السفر ولا مال لنفقة السفر ، فقالوا : يا رسول الله احملنا معك على دواب لنخرج إلى الجهاد في سبيل الله ، فقال النبيّ : لا أجدُ ما أحملكم عليه من دواب ، فرجعوا عنه وهم يبكون حُزناً على فوات الفُرصة للخروج إلى الجهاد ، فنزلت فيهم هذه الآيات (لَّيْسَ عَلَى الضُّعَفَاء ) حرج (وَلاَ عَلَى الْمَرْضَى ) حرج في القعود عن القتال (وَلاَ عَلَى ) الفقراء (الّذينَ لاَ يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ ) في السفر (حَرَجٌ) أي ليس عليهم إثمٌ في التخلّف عن القتال (إِذَا نَصَحُواْ لِلّهِ وَرَسُولِهِ ) في أقوالهم وأفعالهم ، يعني إذا استمرّوا على هذه العقيدة وهذه النصيحة (مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ ) أي من طريق إلى العتاب أو العذاب لأنَّهم مُحسنون لا يقع عليهم العتاب ولا العذاب (وَاللّهُ غَفُورٌ ) لهم (رَّحِيمٌ) بهم .

92 - (وَلاَ عَلَى الّذينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ ) على دواب إلى الجهاد (قُلْتَ لاَ أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ ) من خيل ولا إبِل ولا غير ذلك (تَوَلَّواْ وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا ) على فوات الفُرصة للخروج إلى الجهاد (أَلاَّ يَجِدُواْ مَا يُنفِقُونَ ) يعني لأنَّهم لا يجدون ما ينفقون في السفَر .

------------------------------------
<<الصفحة السابقة الصفحة الرئيسة الصفحة التالية>>



كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم