كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل

بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى)

توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت)

الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة

فهرس الآيات , البحث في القرآن الكريم

تفسير سورة آل عمران من الآية( 82) من كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل   بقلم محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) : 

82 - (فَمَن تَوَلَّى ) عنك يا محمّد ولم يُصدّقك (بَعْدَ ذَلِكَ ) العهد والميثاق الّذي أخذه عليهم أنبياؤهم (فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) لأنّهم خانوا العهد ولم يَفُوا بهِ وكذّبوا رسول الله ولم يؤمنوا بهِ .

83 - (أَفَغَيْرَ دِينِ اللّهِ يَبْغُونَ ) أي يطلبون هؤلاء اليهود والنصارى بعد هذه الأدلّة والبراهين على صدق محمّد ؟ أليس دين الله الّذي أمرَ بهِ جميع الأنبياء والرُسُل هو دين التوحيد بأن يعبدوا الله وحده ولا يُشركوا بهِ شيئاً من المخلوقات ولا أحداً من المخلوقين ؟ ألم يأتِ محمّد بدين التوحيد ونبذ الأصنام والأنداد ، فهل يجدون أحسن من دين التوحيد ؟ (وَلَهُ أَسْلَمَ ) يعني استسلمَ (مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ) يعني مَن في الكواكب السيّارة ومن جُملتها الأرض ، فكلّ من فيهنّ استسلموا لهذا الدين وأقرّوا لله بالوحدانيّةِ (طَوْعًا وَكَرْهًا ) يعني بعضهم أسلم طوعاً من نفسهِ وبعضهم استسلم بعد موتهِ لَمّا انكشفت له الحقيقة ورأى الملائكة والعذاب فكان إسلامه كرهاً (وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ ) بعد موتِهم ، فيعاقبهم على كفرهم وإشراكهم .

84 - (قُلْ) يا محمّد (آمَنَّا بِاللّهِ ) وحده لا نُشرك به شيئاً (وَمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا ) يعني وآمنّا بما أنزِلَ علينا من الوحي (وَمَا أُنزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ ) وهم أولاد يعقوب (وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى ) من معجزات وكتُب (وَالنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ ) أي وما أوتيَ النبيّون من آيات وبراهين (لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ ) كما فرّقتم أيّها اليهود فكذّبتم عيسى ومحمّداً (وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ) أي ونحن للهِ مُستسلمون ولأوامرهِ مُنقادون .

85 - (وَمَن يَبْتَغِ ) أي ومن يطلب (غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ ) لأنّ الأديان السالفة طرأ عليها تغيير وتبديل من رؤساء المِلل ومن علماء الضلال فغيّروا وبدّلوا بأهوائهم وقالوا هذا ما أمرَ الله بهِ وسنّهً في شريعتهِ ، إفتراءً منهم على الله ، وذلك لأجل غاياتهم ولأجل المال والرئاسة . أمّا دين الإسلام فهو دين الحقّ الّذي أمرَ اللهُ باتّباعهِ قديماً وحديثاً لأنّهُ دين ثابت إلى يوم القيامة ، فلا يعبُدُ أتباعه الأصنام كما عبدتم أيّها اليهود ، ولا يثلّثون الآلهة كما ثلّثتم أيّها النصارى (وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) فيخسر نعيم الجنّة من يبتغي غير الإسلام ديناً

86 - جماعة ارتدّوا عن دين الإسلام فقتلوا المحذّر بن زياد غدراً وهربوا من المدينة إلى مكّة ، ثمّ ندم واحد منهم يقال له حارث بن سويد وكان من أهل المدينة فأرسل إلى قومه أن يسألوا رسول الله (ع) هل لي من توبة ، فسألوه فنزلت هذه الآيات (كَيْفَ يَهْدِي اللّهُ قَوْمًا كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ) أي كيف يهديهم إلى طريق الحقّ ثانيةً بعد أن كفروا وقَتلوا (وَ) بعد أن (شَهِدُواْ أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ ) والتقدير : بعد أن أسلموا وشهدوا أنّ الرسول حقّ (وَجَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ ) أي البراهين على صدق محمّد (وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) إلى طريق الحقّ بل يضلّهم لأنّهم ظلَموا الرجل فقتلوهُ بغير ذنب .

87 - (أُوْلَـئِكَ) الكافرون الظالمون (جَزَآؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللّهِ وَالْمَلآئِكَةِ ) تلعنهم (وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ) يلعنونهم ، وبذلك يدخلون جهنّم .

88 - (خَالِدِينَ فِيهَا ) أي دائمين فيها (لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ ) أي ولا يُمهَلون .

89 - (إِلاَّ الّذينَ تَابُواْ مِن بَعْدِ ذَلِكَ ) الحادث ، وهو القتل ، والذي تاب هو الحارث بن سويد (وَأَصْلَحُواْ ) أعمالهم (فَإِنَّ الله غَفُورٌ ) لمن تاب (رَّحِيمٌ) بمن يرحم الناس .

90 - ثمّ جاء في الّذينَ بقوا على كفرهم ولم يتوبوا (إِنَّ الّذينَ كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثمّ ازْدَادُواْ كُفْرًا لَّن تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ ) عند الممات (وَأُوْلَـئِكَ) الكافرون (هُمُ الضَّآلُّونَ ) عن طريق الحقّ .

91 - وجاء في الّذينَ ماتوا على كفرهم ولم يتوبوا (إِنَّ الّذينَ كَفَرُواْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَن يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِم ) في الآخرة (مِّلْءُ الأرْضِ ذَهَبًا ) أي مقدار ما يملأ الأرض من الذهب (وَلَوِ افْتَدَى بِهِ ) يعني لو كان هذا المقدار موجوداً في الأرض من الذهب وافتدى بهِ عن العذاب فلا يفيده ولن يُقبَل منهُ (أُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) أي مؤلم (وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ ) ينصرونهم ويخلّصونهم من عذاب الله .

92 - ثمّ خاطب المسلمين فقال تعالى (لَن تَنَالُواْ ) أجرَ (الْبِرَّ) وتكونوا أبراراً (حَتَّى تُنفِقُواْ ) في سبيل الله (مِمَّا تُحِبُّونَ ) من المأكل والملبس فحينئِذٍ تكونون أبراراً وتنالون أجراً ، أمّا إذا أنفقتم من الرديء الذي لا ترغبون فيه فلن تنالوا عليه أجراً ، وكذلك إذا أنفقتم أموالاً أو شيئاً آخر من المأكل والملبس لغير الله فلن تنالوا أجره (وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ ) في سبيل الله أو في سبيل غيره (فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ ) يعلمُ بما كان له وبما كان لغيره من المخلوقين .

93 - أنكر اليهود على النبيّ تحليل لحوم الإبل إذ قال كان حِلاً لإبراهيم ، فقالت اليهود : كلّ شيء نحرّمه فإنّه محرّم على نوح وإبراهيم وغيرهم من الأنبياء حتّى انتهى إلينا ، فنزلت هذه الآية (كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِـلاًّ ) أي حلالاً (لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ ) أي لأولاد يعقوب ، والمعنى : لم يحرّم يعقوب على أولاده شيئاً من المأكولات (إِلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ ) وذلك لسبب مرض أصابه فاحتمَى ، وكان ذلك (مِن قَبْلِ أَن تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ ) ولَمّا نزلت التوراة حرّم الله عليكم لحم الإبل وغيرها وذلك جزاءً لبغيكم ولم يحرّمها علينا نحن المسلمين ، فأنتم قلتم أنّ لحم الإبل كان حراماً أيضاً على يعقوب وأولاده وذلك مكتوب في توراتنا (قُلْ) يا محمّد لهم (فَأْتُواْ بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا ) علينا ، أي فاقرأوها علينا لنرَى صِدقكم (إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ) فيما تدّعون .

------------------------------------
<<الصفحة السابقة الصفحة الرئيسة الصفحة التالية>>



كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم