كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
9 - (اقْتُلُواْ يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا ) بعيدة فلا يهتدي إلى الطريق ليرجع إلى أبيهِ (يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ ) يعني يفرغ مكان يوسف عند أبيكم وتحلّون مكانهُ (وَتَكُونُواْ مِن بَعْدِهِ ) أي من بعد قتل يوسف (قَوْمًا صَالِحِينَ ) عند أبيكم ، يعني يصلح حالكم وأمرُ دنياكم .
10 - (قَالَ قَآئِلٌ مَّنْهُمْ ) واسمهُ راؤوبين (لاَ تَقْتُلُواْ يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ ) يعني ألقُوهُ في أسفل البئر ، ومن ذلك قولُ الأعشى :
لَئِنْ كُنْتَ في جُبٍّ ثَمَانِينَ قامَةً وَرُقِّيتَ أَسْبابَ السَّماءِ بِسُلَّمِ
(يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ ) يعني يأخذْهُ بعض المارّةِ في هذا الطريق (إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ ) يعني إن كنتم مُصرّين على قتلهِ فلا تقتلوهُ بل ألقوه في الجُبّ . وأرادَ راؤوبين بهذا الرأي خلاص يوسف من القتل ولم يُرِد بهِ سوءً . وهذا مختصر جدّاً لهم في أمر يوسف .
11 - ثمّ أخذَ سُبحانهُ يُبيّن القِصّة على التفصيل فقال : (قَالُواْ) إخوة يوسف لأبيهم يعقوب (يَا أَبَانَا مَا لَكَ لاَ تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ ) أي مُخلِصون .
12 - (أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ ) أي يأكل ويشرب في تلك الأرض المخصِبة النضرة (وَيَلْعَبْ) فيها (وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) من كلّ حيوان مُفترس .
13 - (قَالَ) يعقوب (إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَن تَذْهَبُواْ بِهِ ) إلى المرعَى (وَأَخَافُ أَن يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ ) لاهون برعي الغنم . وإنّما قال أخاف أن يأكلهُ الذئب ، لأنّه رأى في المنام عشرة ذئاب التفّوا حول يوسف فأكلوهُ .
14 - (قَالُواْ لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ ) أي جماعة أقوياء (إِنَّا إِذًا لَّخَاسِرُونَ ) أخانا .
15 - (فَلَمَّا ذَهَبُواْ بِهِ ) أي بيوسف إلى المرعى ، وكان عُمرهُ سبعة عشر عاماً (وَأَجْمَعُواْ) رأيهم (أَن يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ ) يعني في أسفل البئر ، وكانوا يسكنون الأردن (وَأَوْحَيْنَآ إِلَيْهِ ) يعني إلى يوسف (لَتُنَبِّئَنَّهُم بِأَمْرِهِمْ هَـذَا ) والمعنى : سنُسلّطك عليهم في المستقبل فتعاقبهم على فِعلهم هذا ، وهذه كلمة تهديد ووعيد بالانتقام ، ومِثلها كثير في القرآن ، قال الله تعالى في سورة التغابن {قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ } أي لتُعاقَبُنّ بما عملتم ، وقال تعالى في سورة فصّلت {فَلَنُنَبِّئَنَّ الّذينَ كَفَرُوا بِمَا عَمِلُوا } أي نُذكّرهم بأعمالهم السيّئة ونُعاقبهم عليها . (وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ ) بالعاقبة ماذا تكون بعد فِعلهم هذا . وقد نكّلَ بهم يوسف بعض الشيء لَمّا ذهبوا إليهِ يميرون الطعام لأهلهم من مصر ، ثمّ أنّبهم على فِعلهم هذا فقال {قَالَ هَلْ عَلِمْتُم مَّا فَعَلْتُم بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنتُمْ جَاهِلُونَ } ، وذلك بعد أن خضعوا لهُ وتوسّلوا بهِ فقالوا {يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُّزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَآ إِنَّ اللّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ }
16 - (وَجَاؤُواْ أَبَاهُمْ عِشَاء يَبْكُونَ ) بعد أن ألقَوهُ في الجُب .
17 - (قَالُواْ يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ ) أي نتسابق في الركض على الأقدام (وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِندَ مَتَاعِنَا ) يعني عند أمتعتنا لئلاّ يسرقها أحد (فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لِّنَا ) أي بمصدّقٍ لنا (وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ ) في قولنا .
18 - (وَجَآؤُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ ) أخذوا تَيساً فذبحوهُ ولطّخوا قميصهُ بدم التّيس (قَالَ) يعقوب (بَلْ سَوَّلَتْ ) أي زيّنت (لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا ) في يوسف وطَلَبَتْ منكم تنفيذهُ ، وليس كما تزعمون أكله الذئب ، وذلك لَمّا رأى قميصهُ غير مُمزّق إتّضحَ له كذبهم فقال لو أكله الذئب كما تزعمون لمزّق قميصه (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ) "الصبر الجميل" بأن لا يشكو الإنسان ما بهِ إلى أحد إلاّ إلى الله وحدهُ ، ولذلك قال {قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللّهِ } ، وقال الشاعر :
وما أحسنَ الصبرَ الجَمِيلَ مَعَ التُّقَى وما قَدَّرَ الْمَوْلَى عَلَى عَبْدِهِ يَجْرِي
(وَاللّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ ) يعني بالله أستعين على إظهار الحقيقة ونجاة يوسف من أيديكم .
19 - (وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ ) أي قافلة مُقبلة من جلعاد تريد الذهاب إلى مصر إلى الإسماعيلية وجمالها مُحمّلة نَكعةً وبَلساناً ولاذَناً ، فقال يهوذا ما الفائدة من أن نقتل أخانا ونُخفي دمه تعالوا نبيعه إلى الإسماعيليين ، فوافق إخوته على ذلك (فَأَرْسَلُوا) التُجّار أصحاب القافلة (وَارِدَهُمْ) أي ساقيهم أرسلوهُ إلى البئر ليستقي لهم الماء (فَأَدْلَىٰ دَلْوَهُ ) في البئر فأمسكهُ يوسف وصعدَ مع الدلو (قَالَ) الساقي (يَا بُشْرَىٰ هَـٰذَا غُلَامٌ ) هذا غلام قد سقط في البئر فأخرجتُهُ (وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً ) يعني إخوةُ يوسف أسرّوا أمرهُ فلم يقولوا هو أخونا بل قالوا هو عبدٌ لنا أبَقَ واختفى في هذه البئر ، ثمّ باعوهُ على هؤلاء التجّار كما تُباع البضاعة (وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ ) إخوة يوسف .
20 - (وَشَرَوْهُ) أي أبدلوهُ (بِثَمَنٍ بَخْسٍ ) أي قليل (دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ ) وهي عشرون درهماً (وَكَانُوا) إخوته (فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ ) يعني لم تكن غايتهم ثمنهُ بل إبعادهُ عنهم فلذلك باعوهُ بعشرين درهماً .
21 - (وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن ) أهلِ (مِّصْرَ) وإسمهُ فوطيفار وهو رئيس الشرطة ، قال (لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ ) أي هيئي لهُ موضعاً كريماً وأحسني إليهِ (عَسَىٰ أَن يَنفَعَنَا ) في أمور دُنيانا (أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا ) لنا ، لأنه كان خِصِيّاً ليس لهُ أولاد (وَكَذٰلِكَ) أي كما نجّيناهُ من القتل ومن الجُبّ كذلك (مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ ) يعني في أرض مصر (وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ ) أي نعلّمهُ من تعبير الرؤيا الّتي يُحدّثونهُ بها ( وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ ) أي غالبٌ على أمراء يوسف ، وهم رئيس الشرطة الذي اشتراهُ ورئيس السجن الذي سُجِنَ عندهُ والملِك الّذي قصّ له رؤياهُ ، إذ جعلهم اللهُ يُكرمونهُ ويحترمونهُ ويعطونهُ ما يريد حتّى أصبح يوسف رئيس الوزراء (وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ) عواقب الاُمور .
------------------------------------كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |