كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل

بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى)

توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت)

الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة

فهرس الآيات , البحث في القرآن الكريم

تفسير سورة المؤمنون من الآية( 92) من كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل   بقلم محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) : 

92 - (عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ ) أي يعلمُ ما غابَ عنكم وما حضر عندكم (فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ) أي لا مُناسَبة ولا مماثَلة بين الخالق والمخلوقين الّذينَ يجعلونهم شُركاء مع الله .

93 - (قُل رَّبِّ إِمَّا ) يعني إنْ (تُرِيَنِّي مَا يُوعَدُونَ ) من الاستدراج بالمرض أو بالموت والقتل والأسر أو بالفقر ، وكلمة "ما" لتنوّع العذاب ، وذلك قوله تعالى في سورة الأعراف {وَالّذينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ } .

94 - (رَبِّ فَلَا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) بل نجّني منهم بالهجرة إلى مدينة يثرب .

95 - (وَإِنَّا عَلَى أَن نُّرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ ) من الاستدراج (لَقَادِرُونَ) ولكن لا نُعاجلهم بالعقوبة لعلّهم يُسلمون .

96 - (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ ) أي إدفع سيئاتهم معك بإحسانك إليهم . ومِثلها في سورة فُصّلت قوله تعالى {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ } ، (نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ ) لك من صِفات ذميمة فيقولون مجنون ويقولون ساحر ويقولون كذّاب .

97 - (وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ ) أي أعتصم بك (مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ ) أي من شياطين الإنس وهمزاتهم ، والهمّاز الّذي يعيب الناس ويسخر منهم .

98 - (وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ ) مجلسي . ثمّ أخبر سُبحانهُ عن حال الكافرين والبُخلاء ساعة الموت فقال :

99 - (حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ ) يعني لَمّا أشرف على الموت (قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ ) يعني يا ملائكة ربّي ارجعوني إلى الدنيا .

100 - (لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ) من المال فاُنفقهُ في سبيل الله على الفقراء والمحتاجين ، فقالت الملائكة (كَلَّا) لا رجعةَ لك (إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا ) ولكن لا صِحّةَ لها ، والكلمة قوله (لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ) ، (وَمِن وَرَائِهِم ) الشيطان هو (بَرْزَخٌ) لهم ، أي حاجز193 على أموالهم ومانع لهم من الإنفاق ، يعني لو رجعوا (إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ) من أجسامهم إلى عالم الأثير ، عالم النفوس فلذلك لا ينفقون. وممّا يؤيّد هذا قوله تعالى في سورة الأنعام {وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ } .

101 - (فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ ) يعني يوم القيامة ، و الصور هو القِشرة الباردة الّتي تتكوّن على وجه الشمس ، والنفخ يكون من جوفها في صدعٍ يكون لقشرتها ، وذلك بسبب الغازات المنبَعِثة من جوفها فيكون لها صوت عظيم يُزعج أهل السماوات والأرض ، وقد شرحتُ هذا الموضوع في كتابي الكون والقرآن ، وقوله (فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءلُونَ ) والمعنى: كلّ إنسان مشغول بنفسهِ في ذلك اليوم لا يسأل عن قريبهِ ولا عن صديقهِ .

102 - (فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ ) يعني فمن طالت مُحاكمتهُ في المحشر (فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) بدخول الجنّة .

103 - (وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ ) يعني ومن قصُرت محاكمتهُ ، ومعناه لا يُحاكم أبداً ولكن يُسأل سؤال توبيخ وتقريع (فَأُوْلَئِكَ الّذينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ ) بأن أوقعوها في العذاب (فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ ) .

104 - (تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ ) ألسِنةُ (النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ ) أي سود الوجوه لِما يُصيبهم من دخانها. يُقال "أسود كالح" أي شديد السواد ، ومن ذلك قول الخنساء:

                                      فمَنْ لِلحربِ إذا صارتْ كَلُوحاً      وشَمَّرَ مُشْعِلُوها للنُهوضِ

105 - فقال تعالى (أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ ) أي تُقرأ عليكم في دار الدنيا (فَكُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ ) ؟

106 - (قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا ) أي غَلَبَ علينا جهلنا فشقَونا (وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ ) عن طريق الحقّ .

107 - (رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا ) أي من جهنّم (فَإِنْ عُدْنَا ) إلى ما نهَيتنا عنهُ (فَإِنَّا ظَالِمُونَ ) نستحقّ حينئذٍ العذاب .

108 - (قَالَ) الله تعالى في جوابهم (اخْسَؤُوا فِيهَا ) وهي كلمة زجر للكلاب ، وإذا قيلت للإنسان تكون له على وجه الإهانة والتحقير (وَلَا تُكَلِّمُونِ ) بكلّ كلام .

109 - (إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا ) بما أنزلتَ واتّبعنا الرسول (فَاغْفِرْ لَنَا ) ذنوبنا (وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ ) لمن يُطيع أوامرك .

110 - (فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا ) أي كنتم تسخرون بهم وتهزؤون منهم (حَتَّى أَنسَوْكُمْ ) الشياطين194 (ذِكْرِي وَكُنتُم مِّنْهُمْ ) أي من المؤمنين (تَضْحَكُونَ) .

111 - (إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ ) الجنّةَ (بِمَا صَبَرُوا ) على سُخريتكم (أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ ) بنعيم الجنّة .

112 - (قَالَ) ملَك العذاب لمنكِري البعث (كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ ) في حياتكم المادّية (عَدَدَ سِنِينَ ) لماذا لم تتفكّروا وتتّعِظوا وتقدّموا لآخرتكم ؟

113 - (قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلْ الْعَادِّينَ ) أي الّذينَ يعدّون الأيّام ولم يَسَعْنا أن نفكّر في الآخرة ونتزوّد لها. وإنّما قالوا يوماً أو بعض يوم ، لانقضائها بسرعة وانشغالهم بجمع المال فكأنّها يوم واحد .

114 - (قَالَ) الملَك ( إِن لَّبِثْتُمْ ) أي ما لبثتم في دار الدنيا ( إِلَّا قَلِيلًا ) بالنسبة للآخرة ( لَّوْ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ) الحقيقة لَما شغلَكم حُبّ الدنيا عن الآخرة ولكنّ جهلكم وعنادكم أوقعكم في العذاب .

115 - (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا ) بغير غاية ولا نهاية (وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ ) بعد موتكم ، يعني ظننتم أنّكم أجسام بلا نفوس وتنتهي حياتكم عند موتكم ولم تعلموا أنّ النفس هيَ الإنسان الحقيقي وعند انفصالها من الجسم تكون في قبضتنا وتحت حُكمنا .

------------------------------------

193 :"البرزخ" معناهُ الحاجز ، ومن ذلك قوله تعالى في سورة الرحمن {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ . بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَّا يَبْغِيَانِ } يعني بينهما حاجز .

194 :وقد سبق ذكر الشياطين عند قوله تعالى (وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ ).

<<الصفحة السابقة الصفحة الرئيسة الصفحة التالية>>



كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم