كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
97 - (قَالَ) موسى للسامري (فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ ) داءً (أَن تَقُولَ لَا مِسَاسَ ) فعاقبهُ الله بمرض الجذام ، فإذا اقترب منهُ أحد قال لهُ لا مِساس ، أي لا تمسّني ، لأنّ حُكم المجذوم في التوراة أن يُعزل عن الناس وإذا مسّهُ أحد يتنجّس فلذلك يقول لا مِساسَ ليعرفوا أنّه مجذوم فلا يقربوهُ ولا يتنجّسوا بهِ (وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا ) للعذاب (لَّنْ تُخْلَفَهُ ) أي لا يمكنك أن تتخلّص منهُ (وَانظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا ) أي الّذي بقيت عاكفاً على عبادتهِ (لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا ) أمرَ موسى أن يشعلوا النار حول العجل حتّى يذوب ويلتصق بالأرض ثمّ أمرَ أن يبردوهُ بالمبرد ويذروه على ماء البحر .
98 - (إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا ) أي يعلمُ بكلّ الأشياء عِلماً كاملاً بكلّ نواحيها وأوصافها ودقائقها .
99 - (كَذَلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ ) يا محمّد (مِنْ أَنبَاء مَا قَدْ سَبَقَ ) أي كما قصَصنا عليك من أنباء موسى وقومه نقصّ عليك في المستقبل من أخبار الاُمَم السالفة (وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِن لَّدُنَّا ذِكْرًا ) يعني أعطيناك القرآن الذي فيه موعظة للناس .
100 - (مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ ) ولم يؤمن بهِ (فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وِزْرًا ) أي حِملاً ثقيلاً من الذنوب
101 - (خَالِدِينَ فِيهِ ) أي خالدين في خزي الوزر وعذابهِ ، وذلك في عالم البرزخ (وَسَاء لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِمْلًا ) أي ساءت أحوالهم بسبب أحمالهم .
102 - (يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ ) سبق الكلام عن الصور وبيانه في كتابي الكون والقرآن مُفصّلاً ، وهو القِشرة الباردة الّتي تتكوّن على وجه الشمس عند انتهاء حياتها ، والنفخ يكون من داخلها بسبب الغازات الّتي تخرج من شقّ يكون لها فينتج من ذلك الحادث صوتٌ عظيم (وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا ) أي سود الوجوه ، وهذه كناية مُستعملة عند العرب ولا تزال تُستعمل في العراق فيقولون "فلانة زرقة" أي سوداء اللّون ، ومن ذلك قول عنترة وقد رماهُ وزر بن جابر :
رَمانِي ولم يَدهشْ بِأَزْرَقَ لَهْذَمِ عَشِيَّةَ حَلُّوْا بَيْنَ نَعْفٍ ومخْرمِ
فقول الشاعر "ولم يَدهشْ بِأَزْرَقَ لَهْذَمِ" ، فالأزرق كناية عن نفسهِ لأنّه أسود اللّون .
103 - (يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ ) أي يتحدّثون فيما بينهم بصوتٍ خافت ، يعني لا يُسمع صوتهم ، فيقول بعضهم لبعض كم لبثتم في عذاب البرزخ؟ فيقولون سنين عددا ، فيقولون (إِن لَّبِثْتُمْ إِلَّا عَشْرًا ) يعني ما لبثتم في العذاب إلاّ عشر ليالٍ من ليالي الآخرة .
104 - فقال الله تعالى (نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ ) أي ليس كما قالوا (إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً ) يعني أحسنهم رأياً ومذهباً ، فالأمثل معناه الأحسن ، والشاهد على ذلك قولُ امرئ القيس يتضجّر من طول اللّيل :
ألا أيها اللّيلُ الطَّوِيلُ ألا انْجَلِ بِصُبْحٍ وما الإصْباحُ مِنْكَ بِأَمْثَلِ
يعني وما ضياء اليوم منكَ بأحسنَ من كلّ يوم فتتأخّر وتطول علينا ، وقال كعب بن زُهير :
أَرَنَّت مِنَ الشَيبِ العَجيبِ الَّذي رَأَتْ وَهَل أَنتِ مِني وَيْبَ غَيرِكِ أَمثَلُ
(إِن لَّبِثْتُمْ إِلَّا يَوْمًا ) يعني يقولون لهؤلاء المجرمين الّذينَ قالوا لبثنا في عذاب البرزخ سنين عددا ، مهما طال عذابكم في البرزخ لا يساوي يوماً واحداً من أيّام القيامة وعذابها .
105 - (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ ) الّتي في مكّة (فَقُلْ) لهم (يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا ) فيجعلها كثيباً مهيلاً.
106 - (فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا ) أي فيترك أرضها مُستوية ليس فيها تلّ ولا جبلٌ ولا نقرةٌ ولا حُفرة ، فكلمة "قاع" تُطلَق على قطعة من الأرض وليس على الأرض كلّها ، وجمع القاع قيعان ، ومن ذلك قول الخنساء ترثي أخاها :
شهّادُ أنديةٍ حمّالُ ألويةٍ قطّاعُ أوديةٍ سِرحانُ قِيعانِ
107 - (لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا ) يعني لا مُرتفَع ولا مُنخَفَض ، وذلك لأنّ الأرض تقف عن دورتها المحورية حين انتهاء الحرارة الّتي في جوفها فيكون في جهةٍ منها نهارٌ دائم لا يعقبهُ ليل ، وفي الجهة الاُخرى ليل دائم لا يعقبهُ نهار ، فحينئذٍ تزداد الحرارة في جهة النهار وتلك الحرارة تكفي لإحراق الصخور وتفتيتها ، لأنّ أكثر الجبال مكوّنة من كربونات الكالسيوم ، فإذا سُخّنتْ ذهب عنها غاز ثاني أوكسيد الكاربون وبقيَ أوكسيد الكالسيوم (نورة) وهو مسحوق أبيض مائل إلى الصُفرة قليلاً . ثانياً إنّ الحرارة الّتي في جوف الأرض هي سبب الجاذبيّة فإذا ذهبت وبردَ جوف الأرض فإنّ الجاذبيّة الّتي للأرض تنتهي فحينئذٍ تصبح أجزاء الجبال مُتفكّكة ، وبذلك تصبح الجبال عُرضةً لعوامل التعرية والتآكل ، فإنّ الرياح تنسفها إلى البحار والمنخفضات ، وبذلك تصبح الأرض صفصفاً لا ترى فيها عِوجاً ولا أمتا . وقد سبق الكلام عن الجبال ونسفها في كتابي الكون والقرآن .
108 - (يَوْمَئِذٍ) أي يوم القيامة (يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ ) يعني يتّبعون صوت الداعي الّذي يدعوهم إليهِ ، وهو إسرافيل (لَا عِوَجَ لَهُ ) أي لا يميلون عنهُ يميناً ولا شمالاً بل يصعدون نحوهُ إلى الفضاء . ونظيرها في سورة الإسراء قوله تعالى {يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً } ، (وَخَشَعَت الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا ) . الهمس هو الكلام الخفي ، تقول العرب "همسَ في اُذني" يعني كلّمني بكلام واطئ الصوت لا يسمعهُ إلاّ هو ، ومن ذلك قول الشاعر :
فباتُوا يُدْلِجُونَ وباتَ يَسْرِي بَصِيرٌ بِالدُّجَى هادٍ هَمُوسُ
يعني يسمع الأصوات الخفيّة . والمحشر يكون في الفضاء .
كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |