30 - ولما سار رسول الله بجيشه الجرّار يوم فتح مكة نزلت عليه هذه الآية (
فأَقِمْ وَجْهَكَ) أي ليكن قصدك في هذا السفر وأنت قاصدٌ مكة (
لِلدِّينِ حَنِيفًا ) يعني أن تسير على دين إبراهيم الحنيف وشريعته ، وهي (
فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا) أي شريعة إبراهيم التي سيّر الله أتباع إبراهيم عليها ، وهم المسلمون ، وشريعته شريعة التوحيد (
لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ) أي لاتبدّلوا خلق الله من الغاية التي خلقهم لأجلها وهي العبادة ، ذلك قوله تعالى في سورة الذاريات {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} ، (
ذَظ°لِكَ الدِّينُ) هو دين إبراهيم (
الْقَيِّمُ ) على أتباعه وأولاده كالقيّم على الأيتام (
وَلَـظ°كِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) حقيقته فيتّبعون ديناً غيره .
31 - (
مُنِيبِينَ إِلَيْهِ) أي راجعين الى الله بالتوبة (
وَاتَّقُوهُ) ولاتخالفوا أوامره (
وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) .
32 - (مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ) بعد التوحيد ( وَكَانُوا شِيَعًا) أي أحزاب ومذاهب عديدة ، وهم اليهود تفرّقوا في الدين بعد موت سليمان فعبدوا البعل وبعضهم عبدوا عشتاروت وبعضهم عبدوا الشعرى اليمانية ، وبعضهم عبدوا العجلين الذهبيّين اللذيّنِ صنعهما لهم يربعام بن ناباط (كُلُّ حِزْبٍ) منهم (بِمَا لَدَيْهِمْ) من أصنام باطلة (فَرِحُونَ) بها .
والمعنى : لا تكونوا مثلهم أيها المسلمون في المستقبل فتغيرون دينكم وتعبدون سادتكم ومشايخكم وقبور أئمتكم فتنذرون لهم النذور وتشيّدون لهم القبور وتستعينون بهم عند قيامكم وقعودكم وتسألون منهم حوائجكم وتقدسون قبورهم وتقربون لهم القرابين وتبخرون البخور وتوقدون الشموع وتقيمون لأجلهم الولائم وتنصبون عليهم المآتم وتضربون على الصدور وتخمشون الوجوه وتشقّون عليهم الجيوب وتفجّون الرؤوس فتسيل الدماء علاوةً على الدموع فيغضب عليكم ربكم ويسلّط عليكم عدوّكم ومن لا يرحمكم فتدعون لكشف الضرّ عنكم فلا يستجيب لكم ولا يسمع لدعائكم حتى تذوقوا عذاب الذل والاستعباد جزاءً لأفعالكم .