40 - (
قُلْ أَرَأَيْتُمْ ) أي أبدوا لي رأيكم في (
شُرَكَاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ) . قلت فيما سبق إنّ ذكر الأرض إذا جاء قبل ذكر السموات يريد بها الأرض كلها ، أي الكواكب السيارة كلّها ، فقوله تعالى (
مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ) ، يعني أيّ جزءٍ خلقوا منها فهل خلقوا المريخ الذي هو جزء من الأرض الأصلية التي تمزّقت وصارت كواكب سيارة ، أم خلقوا الزهرة ام زحلاً ام غير ذلك من الكواكب السيارة اللاتي هنّ أجزاء من تلك الأرض التي تقطعت من قبل (
أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ) الغازية فخلقوا معي طبقة الهيدروجين أم الأوزون أم ثاني أوكسيد الكبريت أم غير ذلك من الطبقات الغازية التي في الفضاء ، فلما علموا ان الله هو الذي خلق الكواكب السيارة وخلق الطبقات الغازية فكيف يعبدون الأصنام والأوثان ولا يوحدون الله في العبادة (
أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا) سماوياً (
فَهُمْ عَلَىظ° بَيِّنَةٍ مِّنْهُ) كلا لم نعطِهم كتاباً قبل القرآن (
بَلْ إِن يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُم بَعْضًا) بشفاعة الملائكة (
إِلَّا غُرُورًا) منهم وجهلاً بالحقائق .
41 - (
إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ) بقوة الجاذبية، أي يمسك الكواكب السيارة ومن جملتها الأرض بقوة جاذبية الشمس (
أَن تَزُولَا) يعني لئلا تزولا عنها ويتفرقا في الفضاء (
وَلَئِن زَالَتَا) يوم القيامة عن جاذبية الشمس فلا يقدر أحد أن يمسكهما كما في الماضي حين تشقّقت الأرض وصارت كواكب سيارة (
إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ) يعني هل قدر أحد على امساكهما غير الله ؟ وكذلك يوم القيامة لا يقدر احد على إمساكها غير الله . لأنّ الكواكب السيارة إذا زالت عن جاذبية الشمس فإنها تتمزّق وتكون نيازك ، ثم تنجذب هذه النيازك الى السيارت الجديدة ، لأنّ شمسنا الحالية تنفجر يوم القيامة فتكون تسعة عشر كوكباً ، والمعنى إنّ الكواكب السيارة الحالية إذا زالت عن جاذبية الشمس وتقطّعت فإنّ الله تعالى يمسك تلك القطع بقوة جاذبية أخرى (
إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا) بعباده (
غَفُورًا) للتائبين من الموحدين . وقد سبق تفسير هاتين الآيتين في كتابي الكون والقرآن بالتفصيل .
42 - (
وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ) يعني كفّار مكة حلفوا بالله قبل أن يأتيهم محمد بأيمانٍ غليظة (
لَئِن جَاءَهُمْ نَذِيرٌ) أي رسول من الله ينذرهم (
لَّيَكُونُنَّ أَهْدَىظ° مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ) أي أهدى من اليهود والنصارى إلى طاعة الله وطاعة رسوله (
فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ) وهو محمد (
مَّا زَادَهُمْ) مجيئه (
إِلَّا نُفُورًا) عن الحقّ وصدوداً عن الهدى .
43 - ثمّ بيّن سبحانه لأيّ سبب نفروا الحق فقال (
اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ) أي طلباً للرئاسة وتكبراً على محمد وعلى أتباعه الفقراء فلذلك لم ينقادوا له ولم يؤمنوا به (
وَمَكْرَ السَّيِّئِ) يعني صاروا يستعملون المكر مع الناس ويفرّقون بينهم بالعداوة والقتال لتكون السيادة لهم بذلك وصاروا يطبقون المثل القائل فرّق تسد (
وَلَا يَحِيقُ) أي ولايحيط (
الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ) وقد أحاط بهم مكرهم فقُتِلوا يوم بدر ، وهم رؤوساء قريش (
فَهَلْ يَنظُرُونَ) يعني ينتظرون (
إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ) يعني ما يمنعهم من الإيمان في الوقت الحاضر فهل ينتظرون العذاب أن ينزل بهم كما نزل بالأولين ؟ فيحنئذٍ يندمون ويؤمنون حين لايُقبل منهم إيمانهم (
فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا) يعني تلك عادة الله وسنته في خلقه إذا جاء العذاب لاتُقبل توبة من يتوب ولا إيمان من يُؤمن (
وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا) أي ولا تأخيراً إلى الحول ، يعني لا يؤخّر عنهم العذاب إلى السنة القادمة إذا جاء .
44 - (
أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ) للسياحة والتجارة
92 (
فَيَنظُرُوا) الى آثار المكذبين وديارهم الخربة (
كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ) الذين كذّبوا رسلهم فأهلكناهم (
وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِن شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ) الغازية حيث هي مسكن الجن (
وَلَا فِي الْأَرْضِ) حيث هي مسكن الأنس (
إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا) بأفعالهم (
قَدِيرًا) على الإنتقام منهم .