9 - (
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ) يعني إذا تذاكرتم فيما بينكم وتشاورتم (
فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ) أي لا تفعلوا كما يفعل المنافقون واليهود (
وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَىظ°) أي تشاوروا بأفعال الخير والطاعة والخوف من الله (
وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) يوم القيامة فيجازيكم على حسب أعمالكم .
10 - (
إِنَّمَا النَّجْوَىظ°) بالإثم والعدوان (
مِنَ الشَّيْطَانِ) عبد الله بن أُبيّ رئيس المنافقين (
لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا) بهذه النجوى لأنهم يظنّون قد أصاب أصحابهم نكبة في المعركة فيحزنون (
وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ) يعني الّا ما كتب الله لهم (
وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) في جميع أحوالهم .
11 - (
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا) أي توسّعوا (
فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا) كي يجلس من جاءكم . نزلت هذه الآية في تضايقهم في مجلس النبي ، وكان قوم إذا أخذوا مكانهم شحّوا بالمكان على الداخل إليهم . والمعنى ليفسح بعضكم عن بعض (
يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ) قصوركم في الجنة (
وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا) أي ارتفعوا في المجلس ووَسّعوا المكان للداخل إليكم (
فَانشُزُوا) أي فقوموا وارتفعوا . فالنشز هو المرتفع من الأرض . ومن ذلك قول الشاعر يصف ثعلباً :
تَرى الثّعلب الحوليَّ فيها كأنَّهُ ..... إذا ما علَى نشزاً حصانٌ مجلَّلُ
لأنّ المسلمين يريدون أن يقابلوا النبيّ وجهاً لوجه ولا يصعدون للداخل ، أي قرب المنبر الذي يجلس عليه رسول الله (
يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ) أيّ الذّين صدّقوا بأنّ الله يفسح لهم قصورهم في الجنة (
وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) بالكتابة ، وهم كتبة القرآن (
دَرَجَاتٍ) يعني يزيدهم منزلة على غيرهم في الآخرة (
وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) .12 - رأى رجل من المسلمين رؤيا مزعجة ولَمّا أصبح الصباح أتى إلى النبي يقصّ عليه رؤياه . ورجلٌ آخر زجره طائر فتشاءم منه فأتى إلى النبي يسأله عن ذلك ويبيّن له قصته . فنزلت هذه الآية (
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ) يعني إذا تذاكرتم معه وتشاورتم في أمرٍ من أمور الدنيا خائفين عُقباه (
فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً) للفقراء لكيّ يدفع الله عنكم الشرّ وما توقّعتم حدوثه . يعني قبل أن تأتوا إلى النبي وتسألوه عن شأنكم وأمركم الّذي خفتم منه ومن عاقبته قدّموا صدقة للفقراء (
ذَظ°لِكَ) التقديم للفقراء قبل النجوى (
خَيْرٌ لَّكُمْ) في المستقبل (
وَأَطْهَرُ) لقلوبكم من الوساوس والتشاؤم الّذي تتوقعونه من الشرّ (
فَإِن لَّمْ تَجِدُوا) ما تتصدّقون به فأقيموا الصلاة واسألوا الله أن يدفع عنكم الشرّ (
فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ) لمن أقام الصلاة (
رَّحِيمٌ) بالسائلين .
13 - (أَأَشْفَقْتُمْ) من الرؤيا ، يعني خفتم من الرؤيا وتشاءمتم من زجرة الطائر . ومن ذلك قول الخنساء ترثي أخاها :
لو كان يَشفي سقيماً وجدُ ذي رحمٍ ..... أبقى أخي سالماً وَجْدي وإشفاقي
يعني وخوفي عليه .
(أَن تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ) للفقراء ، يعني ولم تقدّموا في هذه المرة من الصدقات ، وذلك قوله تعالى (فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ) بعد الصلاة (فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ) المفروضة (وَآتُوا الزَّكَاةَ) الواجبة إن تمكّنتم عليها (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) فاحذروا عقابه .