بسم الله الرحمن الرحيم
((وَجَاءتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُواْ وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى دَلْوَهُ قَالَ يَا بُشْرَى هَـذَا غُلاَمٌ وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً وَاللّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ))

كتاب:
المتشابه من القرآن
بقلم: محمدعلي حسن الحلي (رحمه الله تعالى)
توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت)
19 - (وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ) أي قافلة مقبلة من جلعاد تريد الذهاب إلى مصر إلى الأسماعيلية وجمالها محملة نكعة وبلساناً ولاذناً، فقال يهوذا ما الفائدة من أن نقتل أخانا ونخفي دمه تعالوا نبيعه إلى الإسماعيليين، فوافق إخوته على ذلك (فَأَرْسَلُوا) التجار أصحاب القافلة (وَارِدَهُمْ) أي ساقيهم أرسلوه إلى البئر ليستقي لهم الماء (فَأَدْلَى دَلْوَهُ) في البئر فمسكة يوسف وصعد مع الدلو (قَالَ) الساقي (يَا بُشْرَى هَـذَا غُلَامٌ) هذا غلام قد سقط في البئر فأخرجته منها (وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً) يعني إخوة يوسف أسرّوا أمره فلم يقولوا هو أخونا بل قالوا هو عبد لنا أبقَ واختفى في هذه البئر ، ثم باعوه على هؤلاء التجار كما تباع البضاعة المسروقة سرّا وبثمن زهيد (وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ) إخوة يوسف .
20 - (وَشَرَوْهُ) أي أبدلوه (بِثَمَنٍ بَخْسٍ) أي قليل جداً (دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ) وهي عشرون درهماً (وَكَانُوا) إخوته (فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ) يعني لم تكن غايتهم ثمنه بل إبعاده عنهم فلذلك باعوه بعشرين درهماً .
21 - (وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن) أهل (مِّصْرَ) وإسمه فوطيفار وهو رئيس الشرطة، قال(لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ) أي هيّئي له موضعاً كريماً وأحسني إليه (عَسَى أَن يَنفَعَنَا) في أمور دنيانا (أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا) لنا، لأنه كان خصيّاً ليس له أولاد (وَكَذَلِكَ) أي كما أنجيناه من القتل ومن الجب كذلك (مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ) يعني في أرض مصر (وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ) أي نعلمه من تعبير الرؤيا التي يحدّثونه بها ( وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ) أي غالب على أمراء يوسف ، وهم رئيس الشرطة الذي اشتراه ورئيس السجن الذي سُجن عنده والملك الذي قصّ له رؤياه ، إذ جعلهم يُكرمونه ويحترمونه ويعطونه ما يريد حتى أصبح يوسف رئيس الوزراء في مصر (وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) الحقيقة ولا يعلمون عواقب الأمور .